للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ونقله السهيلي عن مالك قال: ويؤكده أنه تعالى لم يقل: المتطهرين، وفرق ما بين المتطهر والمطهر، وذلك أن المتطهر من فعل الطهور، وأدخل نفسه فيه كالمنفعة، كذلك المنفصل في أكثر الكلام واستبعده بعضهم؛ لأنهم كلهم مطهرون، ومسه والاطلاع عليه إنما هو لبعضهم؛ ولأن تخصيص الملائكة من بين سائر المتطهرين على خلاف الأصل.

وقال أبو محمد ابن حزم: قراءة القرآن والسجود به، ومس المصحف، وذكر الله تعالى جائز كل ذلك بوضوء وبلا وضوء للجنب والحائض، وهو قول ربيعة وسعيد بن المسيب، وابن جبير وابن عباس وداود وجميع أصحابنا.

قال: والآثار التي احتج بها من لم يجز للجنب مسه، فلا يصح منها شيء؛ لأنها إما مرسلة، وإما صحيفة لا تسند، وإما عن مجهول، وإما عن ضعيف، والصحيح حديث ابن عباس، عن أبي سفيان حديث هرقل الذي فيه: و {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا} الآية [آل عمران: ٦٤]، فهذا الشارع قد بعث كتابًا فيه قرآن إلى النصارى، وقد أيقن أنهم يمسونه (١).

وقد أسلفنا الجواب عن هذا، قال: فإن ذكروا حديث ابن عمر:

نهي أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو (٢).

قلنا: هذا حق يلزم اتباعه، وليس فيه لا يمس المصحف جنب ولا كافر، وإنما فيه أن لا ينال أهل الحرب القرآن فقط.

فإن قالوا: إنما بعث إلى هرقل بآية واحدة.


(١) "المحلى" ١/ ٧٧ - ٨٣.
(٢) رواه مسلم (١٨٦٩) كتاب: الإمارة، باب: النهي أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار إذا خيف وقوعه بأيديهم.