للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثانيها:

ظاهر حديث عائشة هذا أنها أحرمت بعمرة أولًا، وهو صريح حديثها الآتي في الباب بعده، لكن قولها في الحديث السالف:

(خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا نذكر إلا الحج).

وقد اختلفت الروايات عن عائشة فيما أحرمت به اختلافًا كثيرًا كما ذكره القاضي عياض، ففي رواية عروة عنها: (فأهللنا بعمرة)، وفي رواية أخرى: (ولم أهل إلا بعمرة)، وفي أخرى: (لا نذكر إلا الحج) وفي أخرى: (لا نرى إلا الحج)، وفي رواية القاسم عنها: (لبينا بالحج)، وله: (مهلين بالحج).

واختلف العلماء في ذلك، فمنهم من رجح روايات الحج وغلط رواية العمرة، وإليه ذهب إسماعيل القاضي (١)، ومنهم من جمع لثقة رواتها بأنها أحرمت أولًا بالحج ولم تسق الهدي، فلما أمر الشارع من لم يسق الهدي بفسخ الحج إلى العمرة إن شاء فسخت فيمن فسخ وجعلته عمرة، وأهلت بها، ثم إنها لم تحل منها، حتى حاضت تعذر عليها إتمامها والتحلل منها، فأمرها أن تحرم بالحج، فأحرمت فصارت قارنةً، ووقفت وهي حائض، ثم طهرت يوم النحر فأفاضت.

وذكر ابن حزم أنه - صلى الله عليه وسلم - خيرهم بسرف بين فسخه إلى العمرة أو التمادي عليه، وأنه بمكة أوجب عليهم التحلل فرضًا إلا من معه الهدي (٢).


(١) "إكمال المعلم" ٤/ ٢٣٠ - ٢٣١.
(٢) "المحلى" ٧/ ١٠٥.