للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولكلام الملك وتصرفه أوقات:

أحدها: حين يكون نطفة ثم ينقلها علقة، وهو أول علم الملك أنه ولد إذ ليس كل نطفة تصير ولدًا وذلك عقب الأربعين الأولى، وحينئذ يكتب رزقه وأجله وشقي أو سعيد، ثم للملك عندئذ تصرف آخر، وهو تصويره وخلق سمعه وبصره وكونه ذكرًا أو أنثى، وذلك إنما يكون في الأربعين الثالثة وهي مدة المضغة، وقبل انقضاء هذِه الأربعين وقبل نفخ الروح، لأن النفخ لا يكون إلا بعد تمام صورته.

والرواية السالفة: "إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة" فليست على ظاهرها كما قال عياض (١) وغيره، بل المراد بتصويرها وخلق سمعها .. إلى آخره: أنه يكتب ذلك ثم يفعله في وقت آخر؛ لأن التصوير عقب الأربعين الأولى غير موجود في العادة، وإنما يقع في الأربعين الثالثة، وهي النطفة وهي مدة المضغة، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ} الآية [المؤمنون: ١٢] ثم يكون للملك فيه تصرف آخر، وهو وقت نفخ الروح، عقب الأربعين الثالثة حتى يكمل له أربعة أشهر.

واتفق العلماء على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر (٢)، ووقع في رواية البخاري "إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين، ثم يكون علقة مثله، ثم مضغة مثله، ثم يبعث إليه الملك، فيؤذن بأربع كلمات فيكتب رزقه وأجله وشقي أم سعيد، ثم ينفخ فيه الروح" (٣) وأتي فيه بـ (ثم) التي هي مقتضية للتراخي في الكتب إلى ما بعد الأربعين الثالثة.


(١) "إكمال المعلم" ٨/ ١٢٦ - ١٢٧.
(٢) انظر: "تفسير القرطبي" ١٢/ ٨.
(٣) سبق تخريجه.