والأحاديث الباقية تقتضي الكَتْب عقب الأربعين الأولى.
وجوابه: لأن قوله: "ثم يبعث إليه الملك فيؤذن فيكتب" معطوف على قوله: "يجمع في بطن أمه" ومتعلق به لا بما قبله، وهو:"ثم يكون مضغة مثله".
قوله:"ثم يكون علقة مثله") معترضًا بين المعطوف والمعطوف عليه، وذلك جائز موجود في القرآن والحديث الصحيح وكلام العرب.
قال القاضي وغيره: والمراد بإرسال الملك في هذِه الأشياء أمره بها والتصرف فيها بهذِه الأفعال، وإلا فقد صرح في الحديث بأنه موكل بالرحم، وأنه يقول:"يا رب نطفة، يا رب علقة"(١).
وقوله في حديث أنس "وإذا أراد الله أن يقضي خلقًا قال: يا رب أذكر أم أنثى" لا يخالف ما قدمناه، ولا يلزم منه أن يقول ذلك بعد المضغة، بل هو ابتداء كلام وإخبار عن حالة أخرى، فأخبر أولًا بحال الملك مع النطفة، ثم أخبر أن الله تعالى إذا أراد خلق النطفة علقة كان كذا وكذا، ثم المراد بجميع ما ذكر من الرزق والأجل والشقاء والسعادة، والعمل والذكورة والأنوثة أنه يظهر ذلك للملك ويأمره بإنقاذه، وكتابته، وإلا فقضاء الله وعلمه وإرادته سابق على ذلك.
قال القاضي عياض: ولم يختلف أن نفخ الروح فيه يكون بعد مائة وعشرين يومًا، وذلك تمام أربعة أشهر، ودخوله في الخامسة وهذا موجود بالمشاهدة، وعليه يعول فيما يحتاج إليه في الأحكام في الاستلحاق ووجوب النفقات، وذلك للثقة بحركة الجنين في الجوف.