واحتج من قَالَ: يتيمم ويصلي ويعيد قَالَ: إنا قد رأينا من يفعل ما أمر به، ولا يسقط عنه بالإعادةِ وهو واقع موقع فساد، مثل من أفسد حجَّه وصومَه الفرضُ عليه، فإنه مأمورٌ بالمضي فيه فرض عليه، ومع هذا فعليه الإعادة، وأيضًا فإنَّ المسافرَ والمريضَ قد أُبيح لهما الفطرُ في رمضان مع القضاءِ، فكذا هذا الحاضر.
واحتج من قَالَ بعدم الإعادة، بأن الفطرَ رخصةٌ لهما ولم يفعلا الصوم، والمتيمم فعلَ الواجبَ وفعل الصلاة، فلو رُخص له في الخروج منها كما رخص للمسافر في الفطرِ لوجب عليه القضاءُ.
وأمَّا من أفسد حجه وصومه فإنما أمر بالمضي فيه عقوبةً لإفساده له، ثم وجبَ عليه قضاؤه ليؤدي الفرضَ كما أمر به، والحاضر عند التَّعذرِ والخوفِ مطيعٌ بالتيمم والصلاة ابتداء ولم يفسدْ شيئًا يجب معه القضاء.
وحجة من لم يعد أثر البخاريِّ عن ابن عمرَ، فإنه تيمم بمربد النعم وهو في طرفِ المدينة؛ لأنه خشي فوتَ الوقتِ الفاضلِ، ولم يجدْ ماءً، ثم صلَّى، فهو حجة (الحاضر)(١) عند الخوفِ في الإقدام عَلَى التيمم؛ لأنه إذا فعلَ ذَلِكَ مع سعة الوقت فخوف فوته أولى.
وأما حديث أبي جُهيم فإن فيه التيممَ في الحضر إلا أنه لا دليل فيه لرفع الحدث به؛ لأنه أراد أن يجعله تحية لرد السلام، فإنه كره أن يذكر اللهَ عَلَى غير طهارةٍ، كما رواه حماد بن سلمةَ في "مصنفه" في هذا الحديث، كذا قاله المهلبُ، وهو مع ذَلِكَ دالٌ عَلَى التيمم في الحضرِ عند خوفِ الفوات؛ لأنه كما يتيمم في الحضر لرد السلام -وكان له - صلى الله عليه وسلم - أن يردَّه قبل تيممه -دلَّ عَلَى التيمم في الحضر عند خوف