للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفوات، بل أولى؛ لأن الطهارةَ فيها شرطٌ بخلاف السلام.

وأيضًا فإن التيممَ إنما ورد في المسافرين والمرضى لإدراكِ الوقت وخوفِ فواته، فإذا كان حاضرًا وخاف فوته جاز.

واحتج الطحاويُّ بهذا الحديث عَلَى جواز التيمم للجنازة عند خوفِ فواتها، وهو قول الكوفيين والليث والأوزاعي (١)؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - تيمم لرد السلام في الحضر لأجل فور الرد، وإن كانت ليست شرطًا، ومنع مالك والشافعي وأحمد ذَلِكَ (٢).

قَالَ الداوديُّ: والدليل عَلَى سنيَّة ذَلِكَ قوله لأبي هريرة: "المؤمن لا ينجس" (٣)

قَالَ: ويحتمل أنه فعل ذَلِكَ قبل أن يخبر. قلت: فيه بعدٌ، وسيأتي.

قَالَ ابن القصار: وفي تيممه - صلى الله عليه وسلم - بالجدار ردٌ عَلَى أبي يوسفَ والشافعي في اشتراطهما التراب في صحةِ التيمم؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - تيمم بالجدارِ. قَالَ: ومعلومٌ أنه لم يعلق بيده منه ترابٌ، إذ لا تراب عَلَى الجدارِ.

قلت: ورواية الشافعي السالفة ترده إذ فيها: عن أبي جهيم قَالَ: مررتُ عَلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول فسلَّمت عليه، فلم يرد عليَّ حَتَّى قام إلى جدار فحته بعصا كانت معه، ثم وضع يَدهُ عَلَى الجدارِ فمسح وجهَهُ وذراعيه ثم رد عليَّ (٤).


(١) "شرح معاني الآثار" ١/ ٨٦، "مختصر اختلاف العلماء" ١/ ١٤٨.
(٢) انظر: "عيون المجالس" ١/ ٢٢٣ - ٢٢٤، "البيان" ١/ ٢٨٨، "المغني" ١/ ٣٤٥.
(٣) سبق برقم (٢٨٥) كتاب: الغسل، باب: عرق الجنب، وأن المسلم لا ينجس.
(٤) "الأم" ١/ ٤٤.