للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي "الفصيح": أزرر عليك قميصك وزره مثلث الراء (١). وأورد البخاري هذا الحديث؛ ليدل على وجوب ستر العورة، إذ لو كان سنة لما قال له ذلك، ورخص مالك في الصلاة في القميص محلول الأزرار ليس عليه سراويل ولا رداء (٢)، وهو قول الشافعي والكوفيين وأبي ثور، إلا أنه إن رأى من عيب عورته أعاد الصلاة عندهم (٣).

ثم قال البخاري رحمه الله: وَمَنْ صَلَّى فِي الثَّوْبِ الذِي يُجَامِعُ فِيهِ مَا لَمْ يَرَ أَذى.

وهذا منه دال على الاكتفاء بالظن فيما يصلي فيه، لا القطع، وقد روى أبو داود بإسناد جيد من حديث أم حبيبة وقد سألها أخوها معاوية: هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في الثوب الذي يجامع فيه؟ فقالت: نعم، إذا لم ير فيه أذى (٤).

ثم قال البخاري رحمه الله: وَأَمَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ لَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ (٥).

يريد بذلك نداء علي - رضي الله عنه - في الحج لما أرسله لينبذ إلى كل ذي عهد عهده، وكأن البخاري أخذ اشتراط ستر العورة في الصلاة منه؛ لأنه لما كان في الطواف صلاة وقد أمر بالستر فالصلاة أولى؛ لذا خطر لي في استنباطه كما خطر لي في استنباط ما قبله، ثم رأيت ابن المنير لما ذكر قوله: ومن صلى في الثوب الذي يجامع فيه إلى آخره.


(١) "فصيح ثعلب" ص ١١.
(٢) "المدونة" ١/ ٩٥.
(٣) انظر: "شرح معاني الآثار" ١/ ٣٧٧ - ٣٨٠، "المجموع" ٣/ ١٧٩ - ١٨٠، "المغني" ٢/ ٢٩٥.
(٤) "سنن أبي داود" (٣٦٦)، ورواه ابن خزيمة (٧٧٦)، وابن حبان ٦/ ١٠١ (٢٣٣١)، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود" الألباني (٣٩٢).
(٥) سيأتي برقم (٣٦٩) باب: ما يستر من العورة.