ثانيها: يتعلق بأولئك القوم إذ بارزوا ربهم بالكفر والعناد.
ثالثها: يتعلق بالمار عليهم إذ لأنه وفق للإيمان قبل الوجود.
ومن الأول: خوف تقليبه القلوب فربما جعل مآل المؤمن إلى الكفر، ومنه: إمهال الكفار على كفرهم مدة، ومنه: شدة نقمته، وقوة عذابه، ومن الثاني: إهمالهم إعمال العقول في طاعة الخالق ومبارزتهم بالعناد والمخالفة -كما مرَّ- وفوات أمرهم حتى لا وجه للاستدراك حتى إن لعنتهم وعقوبتهم أثرت في المكان والماء فقال:"لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم"، وأن يهريقوا ما استقوا من ماء ثمود، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة.
ومن الثالث: توفيقه للإيمان -كما مرَّ- واعتباره بالجنس وتمكنه من الاستدراك، ومسامحته في الزلل إلى غير ذلك من الأسباب التي توجب البكاء؛ نبه على ذلك ابن الجوزي، فمن مر على مثل أولئك، ولم يتفكر فيما يوجب البكاء شابههم في إهمالهم التفكر فلم يؤمن عليه نزول العقاب.
رابعها:
قوله:"لا يصيبكم ما أصابهم" وفي رواية أخرى: "أن يصيبكم"(١) بفتح الهمزة.
وفيه: إضمار تقديره حذرًا أن يصيبكم أو خشية أن يصيبكم.
وفيه: الحث على المراقبة عند المرور بديار الظالمين، ومواضعها،
والإسراع فيها كما فعل - صلى الله عليه وسلم - في وادي محسر؛ لأن أصحاب الفيل هلكوا هناك.