للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وليس هو من المن الذي هو الاعتداد بالصنيعة؛ لأنه مبطل للثواب، لأن المنة لله ولرسوله في قبول ذلك وغيره، قال الخطابي: والمن في كلام العرب الإحسان إلى من لا تستثيبه قال تعالى: {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ} [ص: ٣٩]. وقال: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (٦)} [المدثر: ٦]، أي: لا تعط لتأخذ من المكافأة أكثر مما أعطيت (١).

وقال القرطبي: وزن "أمن" أفعل من المنة بمعنى: الامتنان، أي: أكثر منَّة، ومعناه: أن أبا بكر له من الحقوق ما لو كان بغيره لامتن بها وذلك؛ لأنه بادر بالتصديق، وبنفقة الأموال وبالملازمة والمصاحبة إلى غير ذلك بانشراح صدر ورسوخ علم بأن الله ورسوله لهما المنة في ذلك والفضل لكن رسول الله بجميل أخلاقه وكرم أعراقه اعترف بذلك عملًا بشكر المنعم ليسن كما قال للأنصار، وفي "جامع الترمذي" من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "ما لأحد عندنا يد إلا وكافَأْنَاه ما خلا أبا بكر، فإن له عندنا يدًا يكافئه الله -عز وجل- بها يوم القيامة" (٢).

سادسها:

قوله - صلى الله عليه وسلم -: ("لو كنت متخذًا من أمتي خليلا .. ") إلى آخره، وفي رواية: "لكن أخي وصاحبي" (٣).

اعلم أن أصل الخلة الافتقار والانقطاع فخليل الله، أي: المنقطع إليه، لقصره حاجته عليه، وقيل: إنها للاختصاص أو الاصطفاء، وسمى إبراهيم بذلك؛ لأنه والى فيه، وعادى فيه، وقيل: لأنه تخلل


(١) "أعلام الحديث" ١/ ٤٠٣.
(٢) "المفهم" ٦/ ٢٤١، والحديث رواه الترمذي (٣٦٦١) وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
(٣) رواها مسلم (٣/ ٢٣٨٣) من حديث عبد الله بن مسعود.