للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بخلال حسنة، وأخلاق كريمة، وخلة الله له: نصره وجعله إمامًا لمن بعده، وقال ابن فورك: الخلة صفاء المودة بتخلل الأبرار، وقيل: اصطفاء المحبة، وقيل: الخليل من لا يتسع قلبه لغير خليله، وقيل: من التخلل أي: أن الحب تخلل قلبه وغلب على نفسه، والخل الصديق. حكاه ابن قرقول.

وقوله: "من أمتي" قيل: اتخذ خليلًا من الملائكة. حكاه ابن التين، ويرده "ولكن صاحبكم خليل الرحمن"، وفي رواية: "لو كنت متخذًا خليلًا غير ربي" (١)، و (اتخذ) تتعدى إلى مفعولين أحدهما بحرف الجر، فيكون بمعنى: اختار واصطفى، وهنا سكت عن أحد مفعوليها، وهو الذي دخل عليه حرف الجر، فكأنه قال: لو كنت متخذًا من الناس خليلا لاتخذت منهم أبا بكر، وقد تتعدى (اتخذ) لأحد المفعولين بحرف الجر، وقد تتعدى لمفعول واحد، وكل ذلك في القرآن.

ومعنى الحديث: أن أبا بكر متأهل لأَنْ يتخذ الشارع خليلًا لولا المانع المذكور، وهو أنه امتلأ قلبه بما تخلله من معرفة الرب تعالى وصحبته ومراقبته حتى كأنه مزجت (٢) أجزاء قلبه بذلك، فلم يتسع قلبه لخليل آخر وعلى هذا فلا يكون الخليل إلا واحدًا ومن لم ينته إلى ذلك، ممن تعلق القلب به فهو حبيب، وذلك أثبت للصديق ولعائشة أنهما أحب الناس إليه، ونفي عنهما الخلة، وعلى هذا فالخلة فوق المحبة.

وقد اختلف أرباب القلوب في ذلك، فذهب الجمهور منهم إلى أن


(١) ستأتي برقم (٣٦٥٤).
(٢) لعلها: كأَنْ.