للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وإنما هذا من باب الأعلى، يؤيد ذَلِكَ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما تركت بعدي فتنة أضر عَلَى الرجال من النساء" (١) ولم يقل ذَلِكَ في المرأة، فالرجال في هذا المعنى أشد.

وأما فتنته في ولده، فقال تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} الآية [التغابن: ١٥]. وذلك من فرط محبته لهم وشغله بهم عن كثير من الخير أو التفريط بما يلزمه من القيام بحقوقهم وتأديبهم، فهذِه فتن تقتضي المحاسبة، وقد تكون المرأة في ذَلِكَ أشد من الرجال، لكن لما ليس لها الحكم عليه مثل الأب، فذكر الأعلى.

وأما المال، فالرجال والنساء في ذَلِكَ سواء، إلا أنه في الرجال أغلب؛ لأنهم يحكمون ولا يحكم عليهم، والنساء في الغالب محكوم عليهن، فلذلك -والله أعلم- ذكر الرجال دون النساء.

وهل هذا الحكم خاص بالأربعة هذِه أم هي من باب التنبيه بالأعلى؟ لأن العلة (إذا أنيط) (٢) بها الحكم إذا وجدت لزم الحكم، وهو إجماع أهل السنة (٣). فكل ما يشغل عن حق من حقوق الله فهو وبال عَلَى صاحبه (٤)، وكل ما كان للنفس به تعلق، ولم يشغل عن حق من حقوق الله فتوفية الحقوق (المأمور بها كفارة له. وهل الواحد من


(١) سيأتي برقم (٥٠٩٦) كتاب: النكاح، باب: ما يتقى من شؤم المرأة من حديث أسامه بن زيد - رضي الله عنه -.
(٢) في "بهجة الأنفس" ١/ ٢٠٠: وهو أن العلة التي نيط بها الحكم، إذا وجدت لزم الحكم. اهـ.
(٣) ينظر في أن العلة مناط الحكم: "الإحكام في أصول الأحكام" للآمدي ٣/ ٣٧٩، "إرشاد الفحول" ٢/ ٨٧٠، ٨٧٣.
(٤) بهجة النفوس" ١/ ٢٠٠ - ٢٠١ ملخصًا.