ومنع من ذَلِكَ المعتزلة والخوارج وبعض المرجئة بناءً عَلَى أن الرؤية تلزمها شروط عقلية اعتقدوها، وأهل السنة لا يشترطون شيئًا من ذَلِكَ ومحل الخوض في ذَلِكَ أصول الديانات.
ثالثها:
قوله:"لا تُضامون" هو بضم التاء المثناة فوق مع تخفيف الميم، وعليها أكثر الرواة كما قَالَ ابن الجوزي.
والمعنى: لا ينالكم ضيم. والضيم أصله الظلم. وهذا الضيم يلحق الرائي من وجهين:
أحدهما: من مزاحمة الناظرين له، أي: لا تزدحمون في رؤيته، فيراه بعضكم دون بعض، ولا يظلم بعضكم بعضا.
والثاني: من تأخره عن مقام الناظر المحقق، وكأن المتقدمين ضاموه. ورؤية الرب جل جلاله يستوي فيها الكل بلا ضيم ولا ضرر ولا مشقة.
ورواية البخاري التي أسلفناها:"لا تضامون" أو "لا تضاهون" عَلَى الشك، أي: لا يشتبه عليكم وترتابون فيعارض بعضكم بعضًا في رؤيتي.
وقيل: لا يشبهونه بغيره من المرئيات تقدس وتعالى. وروي "تضامُّون" بضم وتشديد الميم، وروي بفتح التاء وتشديد الميم، حكاهما الزجاج فيما حكاه ابن الجوزي.
وقال: المعنى فيهما لا تضاممون. أي: لا ينضم بعضكم إلى بعض في وقت النظر؛ لإشكاله وخفائه، كما يفعلون عند النظر إلى الهلال.
وروي "تُضارُّون" بالراء المشددة والتاء مضمومة ومفتوحة ذكرهما الزجاج أيضًا. والمعنى: لا تضارون أي: لا يضار بعضكم بعضًا