للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فرع:

يلتفت أيضًا في الإقامة على أصح الأوجه. ثالثها: إن كبر المسجد.

الثاني: المراد بالالتفات: أن يلوي عنقه ولا يحول صدره عن القبلة، ولا يزيل قدمه عن مكانها، وسواء المناره وغيرها. وقيل: يستدير في الحيعلة في البلد الكبير، وكره ابن سيرين الاستدارة فيه (١)، وفي "المدونة" أنكرها مالك إنكارًا شديدًا. قال ابن القاسم: وبلغني عنه أنه قال: إن كان يريد أن يسمع فلا بأس به (٢). وقال مالك في "المختصر": لا بأس أن يستدير عن يمينه وشماله وخلفه وليس عليه استقبال القبلة في أذانه (٣).

وفي "المدونة" لابن نافع: أرى أن يدور ويلتفت حتى يبلغ حي على الصلاة. وكذلك قال ابن الماجشون ورآه من حد الأذان. قال ابن بطال: وحديث أبي جحيفة حجة على من أنكر الاستدارة؛ لأن قوله: (فجعلت أتتبع فاه ها هنا) وها هنا يدل على استدارته (٤). قلت: ذلك غير لازم؛ إذ المراد الالتفات بالعنق كما سلف مصرحًا به، ثم ذكر حديث الحجاج السالف بذكر الاستدارة، ثم قال: ولا يخلو فعل بلال أن يكون عن إعلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له بذلك، أو رآه يفعله فلم ينكره، فصار حجة وسنة (٥). وهو عجيب منه، فكأنه لم يعلم حال حجاج بن أرطأة. وما أحسن قول البيهقي السالف فيه الحجاج ليس بحجاج، والله يغفر لنا وله.


(١) رواه ابن أبي شيبة ١/ ١٩٠ (٢١٧٧).
(٢) "المدونة" ١/ ٦٢.
(٣) انظر "النوادر والزيادات" ١/ ١٦١ - ١٦٢.
(٤) "شرح ابن بطال" ٢/ ٢٥٨.
(٥) المصدر السابق.