للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وحديث جابر بن سمرة: كان - عليه السلام - يقرأ في الظهر بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)} [الأعلى: ١] (١)، وفي رواية: كان يقرأ في الظهر والعصر بـ {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (١)} و {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (١)} (٢)، وليس في خبر ابن عباس إنكاره القراءة في الظهر والعصر خلاف ما ثبت عن الشارع أنه قرأ فيهما؛ لأن ابن عباس لم يذكر أنه قال له: لا قراءة في الظهر والعصر. وإنما أخبر أنه سكت فيهما، وغير نكير أن يقول: إذا لم يسمعه يقرأ أنه يسكت، فيخبر مما كان من حاله عنده، فالذي أخبر ابن عباس أنه - عليه السلام - لم يقرأ كان الحق عنده، والذي أخبر أنه قرأ فإنه سمع قراءته، فمن سامع منه الآية، ومن سامع قراءة سورة، ومن سامع أمره بالقراءة في جميع الصلاة.

وَوَجَّهَهُ غيره إلى أنه أمر بذلك في بعض الصلاة. ومن رآه يحرك شفتيه في الظهر والعصر فوجهه أنه لم يحركهما إلا بالقراءة، فكل أخبر مما كان عنده، وكلهم كان صادقًا عند نفسه، والمصيب عين الحق أخبر أنه كان يقرأ فيهما، وذلك أن في خبر أبي قتادة أنه كان يسمعهم الآية أحيانًا، فالشاهد إنما يستحق الاسم إما بالسماع أو بالرؤية، فأما من أخبر أنه لم يسمع ولم ير فغير جائز أن يجعل خبره خلافًا لخبر من قال: رأيت أو سمعت؛ لأنه شاهد وغيره أخبر عن نفسه؛ لأنه لا شهادة عنده. في ذلك.

والنفي لا يكون شهادة في قول أحد من أهل العلم.


(١) رواه مسلم (٤٦٠) كتاب: الصلاة، باب: القراءة في الصبح.
(٢) رواه أبو داود (٨٠٥)، والترمذي (٣٠٧)، والنسائي ٢/ ١٦٦.
قال أبو عيسى: حديث حسن صحيح، والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود" ٣/ ٣٩٠ - ٣٩١ (٧٦٧).