للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبو هريرة فقرأِ: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١)} ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ: {وَلَا الضَّالِّينَ} قَالَ: آمين، ثمَّ قَالَ: إني لأشبهكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال: رواته ثقات (١)، وعزاه ابن عساكر إلى النسائي ولم نره فيه. وقال البزار: أصح حديث في هذا الباب حديث الزهري عن سعيد، عن أبي هريرة.

إِذَا تقرر ذَلِكَ، فاختلف العلماء في تأويل هذا الحديث عَلَى قولين: أحدهما: أنه خطاب للمأمومين أن يقولوا: آمين، وهي رواية ابن القاسم عن مالك (٢).

والثاني معناه: إِذَا بلغ الإمام موضع التأمين وهو قوله: {وَلَا الضَّالِّينَ} وقال: آمين، فقولوا: آمين، واحتجوا مما رواه معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعًا: "إِذَا قَالَ الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين؛ فإن الملائكة تقول: آمين، وإن الإمام يقول: آمين، فمن وافق … " الحديث، وبحديث نعيم السالف عن أبي هريرة، فهذا فعله، وهو راوي الحديث، فلا تعارض إذن بين هذا الحديث وبين قوله: "إِذَا أمن الإمام فأمنوا".

وجمع الطبري بينهما بأن الغفران حاصل إِذَا أمن بعد فراغ إمامه من الفاتحة أو بعد تأمين إمامه، فاتفقا على حصول الثواب أمن الإمام أو لم يؤمن، وافترقا بأن في أحدهما أمر من خلف الإمام به إِذَا أمن القارئ، وفي الآخر الأمر به إِذَا قَالَ الإمام {وَلَا الضَّالِّينَ} وإن لم يؤمن الإمام.


(١) "السنن الكبرى" ٢/ ٥٨ كتاب: الصلاة، باب: جهر الإمام بالتأمين.
(٢) انظر: "التمهيد" ٣/ ٢٠١، "الجامع لأحكام القرآن" ١/ ١١٢، "بداية المجتهد" ١/ ٢٨١.