فإن قُلْتَ: فأين وجه الترجمة من الحديث فإنه لا يقتضي الجهر دون السر؟ قُلْتُ: لكن لما كان الإمام يجهر به، ولولا ذَلِكَ ما سمعه المأموم، وكانوا مأمورين باتباع الإمام في فعله، جهر المأموم بها كإمامه، وقد اختلف العلماء فيِ ذَلِكَ، فقال عطاء وعكرمة: لقد أتى علينا زمان إِذَا قَالَ الإمام: {وَلَا الضَّالِّينَ} سمعت لأهل المسجد رجة من قولهم: آمين -وقد أسلفناه عن عطاء في باب: جهر الإمام به مبسوطًا- وقالت طائفة: يسر بها المأموم.
قَالَ الطبري: والخبر بالجهر به والمخافتة صحيحان، وقد عمل بكل واحد منهما جماعة من علماء الأمة، وذلك يدل أنه مما خيرَّ الشارع فيه، ولذلك لم ينكر بعضهم عَلَى بعض كان منهم في ذَلِكَ، وإن كنتُ مختارًا خفض الصوت بهان؛ إذ كان أكثر الصحابة والتابعين عَلَى ذَلِكَ (١). كذا ادعاه.