للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واختلف العلماء فيما يدعو به الرجل في ركوعه وسجوده: فقالت طائفة: لا بأس أن يدعو الرجل في ذَلِكَ مما أحب، وليس عندهم في ذَلِكَ شيء موقت (١)، وقد رويت آثار كثيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يدعو بها، منها: "اللَّهُمَّ لك ركعت .. " إلى آخره، "اللَّهُمَّ لك سجدت .. " إلى آخره، أخرجه مسلم من حديث علي (٢)، ومنها في السجود: "اللَّهُمَّ إني أعوذ برضاك من سخطك .. " إلى آخره، وأخرجه مسلم أيضًا من حديث عائشة (٣)، وفي رواية: فإذا هو راكع أو ساجد يقول: "سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت" (٤) ومنها في سجوده: "اللَّهُمَّ اغفر لي ذنبي كله، دِقَّه وجِلَّه، أولَه وآخره، وعلانيته وسره" أخرجه مسلم أيضًا من حديث أبي هريرة (٥)، والكل لم يخرجها البخاري وغير ذَلِكَ؛ إلا أن مالكا كره الدعاء في الركوع ولم يكرهه في السجود، واقتصر في الركوع عَلَى تعظيم الرب جل جلاله والثناء عليه (٦)، وأظنه ذهب إلى حديث علي: "أما الركوع فعظموا فيه


(١) انظر: "شرح المعاني الآثار" ١/ ٢٣٥.
(٢) مسلم (٧٧١).
(٣) "صحيح مسلم" (٤٨٦).
(٤) "صحيح مسلم" (٤٨٥).
(٥) "صحيح مسلم" (٤٨٣).
(٦) انظر: "المدونة الكبرى" ١/ ٧٤.
قال ابن عبد البر رحمه الله:
وأجمعوا أن الركوع موضع لتعظيم الله بالتسبيح وأنواع الذكر، واختلف الفقهاء في تسبيح الركوع والسجود.
فقال ابن القاسم، عن مالك: إنه لم يعرف قول الناس في الركوع: سبحان ربي العظيم، وفي السجود: سبحان ربي الأعلى، وأنكره ولم يجد في الركوع دعاءً مؤقتًا، ولا تسبيحًا مؤقتًا، وقال: إذا أمكن المصلي يديه من ركبتيه في الركوع، وجبهته من الأرض في السجود فقد أجزأ عنه.