للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والشافعي وأبي ثور إلا أنهم لم يوجبوا ذَلِكَ، وقالوا: من ترك التسبيح في الركوع والسجود فصلاته تامة (١) وقال إسحاق وأهل الظاهر: إن ترك ذَلِكَ عليه الإعادة، وقالوا: حديث عقبة ورد مورد البيان فوجب امتثاله.

ووافقهم أحمد في رواية وقال: لو نسيه لم تبطل ويسجد للسهو. وقال مرة أخرى: إنه سنة كالجماعة (٢).

وقال ابن حزم: هو فرض فان نسيه سجد للسهو (٣)، وأجاب الجمهور بأن البيان إنما يرد في المجمل والركوع والسجود مفسران فلا يفتقران إلى بيان، فحمل حديث عقبة على الاستحباب بدليل إسقاطه من حديث المسيء صلاته وهو موضع الحاجة، قَالَ ابن القصار: لو قَالَ: سبحان ربي الجليل أو الكبير أو القدير لكان معظمًا له، وإذا ثبت أن نفس التسبيح ليس بواجب فتعينه والعدول عنه إلى ما في معناه جائز.


(١) انظر: "الأوسط" ٣/ ١٨٦ - ١٨٧، "تبيين الحقائق" ١/ ١١٤ - ١١٥.
(٢) انظر: "الكافي" ١/ ٣٠٠ - ٣٠١، "فتح الباري" لابن رجب ٧/ ١٨١.
قال القرافي رحمه الله:
ولما كانت العادة جارية عند الأماثل والملوك بتقديم الثناء عليهم قبل طلب الحوائج منهم؛ لتنبسط نفوسهم لإنالتها، أمرنا الله -سبحانه وتعالى- بتقديم الثناء على الدعاء، كقول أمية بن أبي الصلت:
أأذكر حاجتي أم قد كفاني … حياؤك إن شيمتك الحياء
إذا أثنى عليك المرء يومًا … كفاه من تعرضك الثناء
كريم لا يغيره صباح … عن الخلق الجميل ولا مساء
فيكون الدعاء في السجود لوجهين، أحدهما: لهذا المعنى، والثاني: أنه غاية حالات الذل والخضوع بوضع أشرف ما في الإنسان الذي هو رأسه في التراب فيوشك أن لا يرد عن مقصده وأن يصل إلى مطلبه. "الذخيرة" ٢/ ١٨٩.
(٣) "المحلى" ٣/ ٢٥٩ - ٢٦٠.