أحدهما: أن الفقير الصابر أفضل. وذكر أنه اختار هذِه الرواية أبو إسحاق بن شاقلا، ووالده القاضي أبو يعلى، ونصرها هو. الثانية: أن الغني الشاكر أفضل، اختاره جماعة منهم ابن قتيبة. والقول الأول يميل إليه كثير من أهل المعرفة والفقه والصلاح. من الصوفية والفقراء. ويحكى هذا القول عن الجنيد وغيره والقول الثاني يرجحه طائفة منهم كأبي العباس بن عطاء وغيره. وربما حكى بعض الناس في ذلك إجماعًا، وهو غلط. وفي المسألة قول ثالث: وهو الصواب أنه ليس هذا أفضل من هذا مطلقًا ولا هذا أفضل من هذا مطلقًا بل أفضلهما أتقاهما. كما قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣] وقال عمر بن الخطاب: الغنى والفقر مطيتان لا أبالي أيتهما ركبت. وقد قال تعالى: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا} [النساء: ١٣٥] وهذا القول اختيار طائفة منهم الشيخ ابن حفص السهروردي، وقد يكون هذا أفضل لقوم، وفي بعض الأحوال. وهذا أفضل لقوم وفي بعض الأحوال، فإن استويا في سبب الكرامة استويا في الدرجة، وإن فضل أحدهما الآخر في سببها ترجح عليه، هذا هو الحكم العام. "مجموع الفتاوى" ١١/ ١٢٢ - ١٢٥. (٢) "الإعلام" ٤/ ٥٤.