للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للعباس وهو يستسقي الناس: يا عم رسول الله، كم بقي علينا من نوء الثريا (١)؟ فإن العلماء بها يزعمون أنها تعترض في الأفق سبعًا.

وقال ابن عباس لامرأة: خطأ الله نوءها (٢). يريد أخطأها الغيث. فلو لم يدلك عَلَى افتراق المذهبين في ذكر الأنواء إلا هذان الخبران لكفى بهما دليلًا. هذا وابن عباس يقول في قوله تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢)} [الواقعة: ٨٢] وكان علي يقرؤها: (وتجعلون شكركم) (٣).

وقد اختلف العلماء في كفر من قَالَ: مطرنا بنوء كذا. عَلَى قولين حكاهما النووي:

أحدهما: نعم، إِذَا اعتقد أنه فاعل مدبر منشئ المطر كما كان بعض الجاهلية يزعم، ومن اعتقد هذا فلا شك في كفره، وهذا القول هو الذي ذهب إليه الجمهور منهم الشافعي (٤)، وهو ظاهر الحديث، قالوا: وعلى هذا القول لو قَالَ: مطرنا بنوء كذا، معتقدًا أنه من الله وبرحمته، وأن النوء صفات له وعلامة اعتبارًا بالعادة، فكأنه قَالَ: مطرنا في وقت كذا، فهذا لا يكفر، واختلف في كراهته، والأظهر نعم تنزيهًا؛ لترددها بين الكفر وغيره، ويساء الظن بصاحبها؛ لأنها شعار الجاهلية كما سلف.

والقول الثاني: في أجل تأويل الحديث أن المراد: كفر نعمة الله


(١) رواه البيهقي ٣/ ٣٥٨ - ٣٥٩ كتاب: الاستسقاء، باب: كراهية الاستمطار بالأنواء، وابن عبد البر في "التمهيد" ٢٤/ ٣٨٠ - ٣٨١.
(٢) رواه ابن أبي شيبة ٤/ ٩٠ (١٨٠٨٢، ١٨٠٨٣، ١٨٠٨٥) كتاب: الطلاق، باب: ما قالوا فيه إذا جعل أمر امرأته بيدها، فتقول: أنت طالق ثلاثًا، والبيهقي ٧/ ٣٤٩ - ٣٥٠ كتاب: الخلع والطلاق، باب: المرأة تقول في التمليك: طلقتك وهي تريد الطلاق.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١١/ ٦٦٢، و"زاد المسير" ٨/ ١٥٤.
(٤) "الأم" ١/ ٢٢٣.