للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والنوء: الكوكب. وجمعه أنواء، وهي ثمانية وعشرون نجمًا معروفة المطالع في أزمنة السنة كلها، يسقط منها في كل ثلاثة عشر نجم في المغرب مع طلوع الفجر، ويطلع آخر مقابله في المشرق في ساعته، وسمي نوءًا؛ لأنه إِذَا سقط الساقط ناء الطالع، وذلك النهوض هو النوء، فسمي النجم نوءًا لذلك، وانقضاء هذِه الثمانية والعشرين مع انقضاء السنة، وكانت الجاهلية إِذَا سقط منها نجم وطلع آخر يقولون: لا بد أن يكون عند ذَلِكَ مطر ورياح، فيقولون: مطرنا بنوء كذا.

وقال ابن الأعرابي: الساقطة منها في الغرب هي الأنواء، والطالعة منها في الشرق هي البوارح. قَالَ صاحب "المطالع": فمنهم من يجعله الطالع؛ لأنه ناء، ومنهم من ينسبه للغارب، قَالَ: وقد أجاز العلماء أن يقال: مطرنا في نوء كذا، ولا يقال: بنوء كذا. ويحكى عن أبي هريرة أنه كان يقول: مطرنا بنوء الله. وفي رواية: مطرنا بنوء الفتح، ثمَّ يتلو: {مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} (١) [فاطر: ٢] وفي "المحكم" بعضهم يجعل النوء السقوط. كأنه من الأضداد (٢).

وفي "الأنواء الكبير" لأبي حنيفة: الذي عندي في الحديث أن المطر كان من أجل أن الكوكب ماء، وأنه هو الذي هاجه، ثمَّ أنشد عَلَى ذَلِكَ، قَالَ: وأما من زعم أن الغيث حصل عند سقوط الثريا فهذا وما أشبهه إنما هو إعلام للأوقات والفصول، وليس من وقت ولا زمن إلا وهو معروف بنوع من مرافق العباد يكون فيه دون غيره، وقد قَالَ عمر


(١) رواه الإمام مالك في "الموطأ" ص ١٣٦ وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١٠/ ٣١٧١ (١٧٩٢٦)، وذكره ابن عبد البر في "التمهيد" ١٦/ ٢٨٦، والحافظ ابن كثير في "تفسيره" ١١/ ٣٠٥ - ٣٠٦ وعزاه للإمام مالك.
(٢) "المحكم" ١٢/ ١٩٠.