للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد أسلفنا أنه - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "ليس لي تحريم ما أحل الله لي، ولكنها شجرة أكره ريحها" (١). بل الأصح أنه يكره في حقه ولا يحرم، وقد أكله جماعة من السلف.

وفيه: احترام الملائكة، ولا دلالة فيه عَلَى تفضيلهم عَلَى البشر؛ لأنه سوى بينهم وبين بني آدم في الأذى، ولا تختص بمسجده - صلى الله عليه وسلم - بل المساجد كلها سواء عملا برواية: "مساجدنا" و"المساجد" (٢)، وشذ من خصه بمسجده، فالنهي في مسجده ثابت في الباقي عملًا بالعموم.

قَالَ الداودي: ويحمل قوله: "مسجدنا" عَلَى "مساجدنا"، ويلحق بما نص عليه في الحديث كل ما له رائحة كريهة من المأكولات وغيرها، وخصه بالذكر؛ لكثرة أكلهم لها، وقد ورد الفجل أيضًا في الطبراني في "أصغر معاجمه" (٣)، ولم يظفر به القاضي عياض ولا النووي بل ألحقاه مما ذكر (٤).

وقال مالك -فيما حكاه ابن التين- الفجل إن كان يؤدي ويظهر فكذلك، وألحق بذلك بعضهم من بفيه بخر أو به جرح له رائحة،


(١) هذِه الرواية سلف تخريجها.
(٢) سلف تخريجهما.
(٣) روى الطبراني في "المعجم الصغير" ١/ ٤٥ (٣٧) من حديث أبي الزبير عن جابر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أكل من هذِه الخضروات: الثوم، والبصل، والكرَّات، والفجل، فلا يقربنَّ مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما تتأذى منه بنو آدم". ثم قال: لم يروه عن هشام القردوسي إلا يحيى بن راشد، تفرد به سعيد بن عضير، والقراديسي فخذ من الأزد اهـ، قال الهيثمي في "المجمع" ٢/ ١٧: فيه يحيى بن راشد البراء البصري، وهو ضعيف، ووثقه ابن حبان، وقال: يخطئ ويخالف، وبقية رجاله ثقات، والحديث في الصحيح خلا قوله: "والفجل".
وقال الحافظ في "الفتح" ٢/ ٣٤٤: في إسناده يحيى بن راشد وهو ضعيف.
(٤) "إكمال المعلم" ٢/ ٤٩٧، "شرح النووي" ٥/ ٤٨.