للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القرطبي: وقوله: "أوتوا الكتاب من قبلنا" يريد به: التوراة والإنجيل (١).

واختلف في كيفية ما وقع لليهود، هل أمروا بيوم معين وهو الجمعة، أو بيوم غير معين؟ على قولين، ويؤيد الأول وهو الظاهر، كما قال القاضي (٢).

قوله: ("هذا يومهم الذي فرض عليهم") وعينت اليهود السبت، قالوا: لأن الله فرغ فيه من الخلق؛ فنحن نستريح فيه عن العمل، ونشتغل بالشكر، وعينت النصارى الأحد؛ لأن الله تعالى بدأ الخلق فيه، وهذِه الأمة عينه الله لهم، ولم يكلهم إلى اجتهادهم فضلًا منه ونعمة، فهو خير يوم طلعت عليه الشمس وفيه ساعة يستجاب فيها الدعاء.

ويؤيد الآخر، وهو ما جزم به ابن بطال (٣)، قوله: ("فاختلفوا فيه") أي: في تعيينه، ("فهدانا الله له") أي: بتعيينه لنا لا باجتهادنا، إذ لو عين لهم فعاندوا فيه لما أجيب بالاختلاف، بل بالمخالفة والعناد، ويؤيده رواية حذيفة السالفة: "أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا" وقد جاء أن موسى - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بالجمعة، وأعلمهم بفضلها، فناظروه أن السبت أفضل، فقيل له: دعهم.

قَالَ النووي: ويمكن أن يكونوا أمروا به صريحًا ونص على عينه، فاختلفوا فيه، هل لهم إبداله (٤) فغلطوا في إبداله، أم ليس لهم إبداله؟ قَالَ الداودي: وفيه أنزلت: {فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذْنِهِ} [البقرة: ٢١٣].


(١) "المفهم" ٢/ ٤٩١.
(٢) "إكمال المعلم" ٣/ ٢٤٨ - ٢٤٩.
(٣) "شرح ابن بطال" ٢/ ٤٧٥ - ٤٧٦.
(٤) "صحيح مسلم بشرح النووي" ٦/ ١٤٣ - ١٤٤.