للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وروي نحوه عن زيد بن أسلم قَالَ: اختلفوا فيه وفي القبلة والصلاة والصيام، وفي إبراهيم وعيسى (١)، فهدى الله هذِه الأمة للحق من ذَلِكَ بإذنه أي: بعلمه، ولسبق الجمعة على السبت والأحد معنى، وذلك لأن ترتيب الأيام الثلاثة إِذَا سردت متتابعة لا يصح إلا بأن يتقدمها الجمعة، وليس ذَلِكَ لواحد من السبت والأحد.

وفيه: دلالة عَلَى وجوب الجمعة -وهو إجماع إلا من شذ (٢) - وفضيلة هذِه الأمة، وفيه: سقوط القياس مع وجود النص وذلك أن كلًّا منهما قال بالقياس مع وجود النص على قول التعيين فضلَّا.

وفيه: التفويض وترك الاختيار؛ لأنهما اختارا فضلَّا، ونحن علقنا الاختيار عَلَى من هو بيده فهدى وكفى.

قَالَ مجاهد في قوله تعالى: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ} [النحل: ١٢٤] تركوا الجمعة واختاروا السبت (٣)، وقال قتادة: أحله بعضهم وحرمه بعضهم (٤).

ونصبَ غدًا عَلَى الظرف، وهو متعلق بمحذوف، التقدير: فاليهود

يعظمون غدًا والنصارى بعد غد، وسببه أن ظروف الزمان لا تكون أخبارًا عن الجثث، فيقدر فيه معنى يمكن تقديره خبرًا، ويجوز أن يكون فرض عليهم الاجتماع للعبادة في ذَلِكَ اليوم، ونسكه وتعظيمه، فهدينا نحن


(١) روى هذا ابن أبي حاتم في "تفسيره" ٢/ ٣٧٨ (١٩٩٤).
(٢) انظر: "الإجماع" لابن المنذر ص ٤٤.
(٣) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ٣١٢ (١٥٢١)، والطبري في "تفسيره" ٧/ ٢٢٢ (٢١٩٨٨، ٢١٩٨٩)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ٧/ ٢٣٠٧ (١٢٦٨٥)، وزاد السيوطي نسبته في "الدر المنثور" ٤/ ٢٥٤ لابن المنذر.
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" ٧/ ٢٢٢ (٢١٩٩١).