للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: (والوضوء أيضًا؟) كذا هو بإثبات الواو، وروي بحذفها، والأول يفيد العطف عَلَى الإنكار الأول؛ لأنه أراد بقوله: (أية ساعة هذِه؟) التعريض بالإنكار عليه، والتوبيخ عَلَى تأخر المجيء إلى الصلاة، وترك السبق إليها في أول وقتها، وهذا من أحسن التعريضات وأرشق الكنايات، ثمَّ إن عثمان لما علم مراد عمر من سؤاله عن الساعة اعتذر بأنه لما سمع النداء لم يشتغل بغير الوضوء فقال له: ألم يكفك أن أخرت الوقت، وفوت نفسك فضيلة السبق حتَّى أتبعته بترك الغسل، والقناعة بالوضوء، فتكون هذِه الجملة المبسوطة مدلول عليها بتلك اللفظة، وهي معطوفة عَلَى الجملة الأولى، فخشي عثمان فوات الجمعة، فرأى أن تركه أولى من تركها، وقال القرطبي: الواو عوض من همزة الاستفهام كما قرأ ابن كثير (قال فرعون وآمنتم به) (١) [الأعراف: ١٢٣] وأما مع حذف الواو فيكون -إن صحت الرواية- إما لأنه مبتدأ وخبره محذوف، التقدير: الوضوء عذرك أو كفايتك في هذا المقام. أو لأنه خبر مبتدأ محذوف، التقدير: عذرك وكفايتك الوضوء، ويجوز في الوضوء الرفع عَلَى أنه مبتدأ وخبره محذوف، التقدير: الوضوء تقتصر عليه، ويجوز أن يكون منصوبًا بإضمار فعل، التقدير: فعلت الوضوء وحده أو توضأت، ويعضده قوله: وقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بالغسل، وتكون هذِه الجملة حالًا منه، والعامل فيها الفعل المقدر، ويكون العامل في الحال مع الرفع ما دل عليه مجموع الجملة المقدرة، ولعل عثمان رأى أن سماعه للخطبة أولى، وكذلك عمر لم يأمره بالخروج.

وروى ابن القاسم في "المستخرجة": من نسي الغسل حتَّى أتى


(١) "المفهم" ٢/ ٤٨١.