للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المسجد فإن علم أنه يغتسل ويدرك الجمعة خرج، وإلا صلى ولا شيء عليه، قَالَ ابن حبيب: لا يؤثم تاركه (١)، وقد يجري فيه الخلاف عن الوتر هل يحرج تاركه لأنهما سنتان مؤكدتان؟ والأصح عند الشافعية أن ترك الغسل يوصف بالكراهة (٢)، وقوله: (أيضًا)، منصوب لأنه من آض يئيض أيضا، أي: عاد ورجع، قاله ابن السكيت (٣). تقول: فعلته أيضًا إِذَا كنت قد فعلته بعد شيء آخر، كأنك قد أفدت بذكرهما الجمع بين الأمرين أو الأمور.

وقوله: (يأمر با لغسل) وفي رواية: أمرنا ويأمرنا، وهو من ألفاظ رواية الحديث، ورفعه، وفي قوله: (يأمرنا): زيادة حجة لعمر فإنه عام، بخلاف يأمر، فإنه ليدل صريحًا عليه، والمحتلم: البالغ، وعبر به؛ لأنه الغالب، ويعرفه كل أحد، وهو مشترك فيه، وقوله: ("غسل يوم الجمعة") هو أظهر ثباتًا من رواية مسلم: "الغسل يوم الجمعة" (٤)؛ لأنه أضاف الغسل إلى اليوم فكان مخصوصًا به، وليس غسلًا مطلقًا، فكأنه اعتبر فيه الاختصاص به والنية فيه، وأما إطلاق الغسل فلا، فإنه لو اغتسل فيه ولم ينوه لم يجزه؛ لأنه وجد صورة غسل. ولما ذكر ابن أبي شيبة في باب: القائلين بإجزاء الوضوء عن الغسل، قول أبي الشعثاء وإبراهيم وعطاء وأبي وائل وأبي جعفر: ليس غسل واجب إلا من جنابة، ساق بإسناده حديث أبي سعيد مرفوعًا (٥).


(١) انظر: "النوادر والزيادات" ١/ ٤٦٣.
(٢) انظر: "روضة الطالبين" ٢/ ٤٣، و"المجموع" ٢/ ٢٣٢ - ٢٣٣.
(٣) "إصلاح المنطق" لابن السكيت ص ٣٤٢.
(٤) مسلم (٨٤٦) وسلفت أيضًا برقم (٨٥٨).
(٥) "المصنف" لابن أبي شيبة ١/ ٤٣٦ - ٤٣٧.