للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: ٢٠] وإنما كره مالك ذلك خشية التخليط على الناس (١).

ولذلك ترك الشارع في آخر فعله السجود في المفصل؛ لأنه الذي يقرأ به في الخمس. وقال ابن العربي: خرَّج البخاري قراءة الصبح يوم الجمعة عن سعد بن إبراهيم بلفظ (كان) المقتضية للمداومة، وهو مضعف عند مالك وغيره، وقد جاءت الرواية أيضًا من غير طريقه، ولكنه أمر لم يعلم بالمدينة والله أعلم من قطعه كما قطع غيره، فينبغي أن يفعل ذلك في الأغلب للقدوة، ويقطع أحيانًا؛ لئلا يظنه العامة من السنة (٢).


= مخطئ، يجب عليه أن يتوب من ذلك باتفاق الأئمة. وإنما تنازع العلماء في استحباب ذلك وكراهيته. فعند مالك يكره أن يقرأ بالسجدة في الجهر. والصحيح أنه لا يكره، كقول أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد؛ لأنه قد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سجد في العشاء الباب {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١)} وثبت عنه في الصحيحين أنه كان يقرأ في الفجر يوم الجمعة {الم (١) تَنْزِيلُ} و {هَلْ أَتَى}. وعند مالك يكره أن يقصد سورة بعينها. وأما الشافعي وأحمد فيستحبون ما جاءت به السنة، مثل الجمعة والمنافقين، وفي الجمعة. والذاريات و {اقْتَرَبَتِ} في العيد، {الم (١) تَنْزِيلُ} {هَلْ أَتَى} في فجر الجمعة.
لكن هنا مسألتان نافعتان:
(الأولى) أنه لا يستحب أن يقرأ بسورة فيها سجدة أخرى باتفاق الأئمة، فليس الاستحباب لأجل السجدة، بل للسورتين، والسجدة جاءت اتفاقا، فإن هاتين السورتين فيهما ذكر ما يكون في يوم الجمعة من الخلق والبعث.
(الثانية) إنه لا ينبغي المداومة عليها، بحيث يتوهم الجهال أنها واجبة، وأن تاركها مسيء، بل ينبغي تركها أحيانًا لعدم وجوبها، والله أعلم. "مجموع الفتاوى" ٢٤/ ٢٠٤ - ٢٠٥.
(١) انظر: "المنتقى" ١/ ٣٥٠.
(٢) "عارضة الأحوذي" ٢/ ٣٠٩ - ٣١٠.