للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وذكر القاضي أبو محمد أن الهبات والصدقات مثل ذلك. قال أبو محمد: من انتقض وضوؤه فلم يجد ماءً إلا بثمن جاز له أن يشتريه؛ ليتوضأ به، ولا يفسخ شراؤه، ولبعض الحنفية المتأخرين احتمال في حرمة البيع قبل الزوال إذا كان منزله بعيدًا عن الجامع بحيث تفوت عليه الجمعة.

قال الشافعي في "الأم" والأصحاب: ولو تبايع رجلان ليسا من أهل فرض الجمعة لم يحرم بحال ولم يكره، وإذا تبايع رجلان من أهل فرضها أو أحدهما من أهل فرضها، فإن كان قبل الزوال فلا كراهة، وإن كان بعده وقبل ظهور الإمام أو قبل جلوسه على المنبر، وقبل شروع المؤذن في الأذان بين يدي الخطيب كره كراهة تنزيه، وإن كان بعد جلوسه وشرع المؤذن فيه حرم على المتبايعين جميعًا، سواء كانا من أهل الفرض أو أحدهما، ولا يبطل البيع (١)؛ لأن النهي لايختص بالعقد، فلم يمنع صحته كالبيع عند ضيق الوقت المؤدي لفرض الوقت، والبيع في الأرض المغصوبة، والبيع في المسجد نهي عن البيع فيه، وينعقد.

وقال ابن قدامة: مشروعية الأذان قبل صعود الإمام هو الذي يمنع البيع، ويلزم السعي؛ لأن الله تعالى أمر به، ونهى عن البيع بعد النداء، والنداء الذي كان على عهده هو عقب الجلوس على المنبر، ولا فرق في ذلك بين قبل الزوال أو بعده. أي: على مذهبه في جواز فعلها قبل الزوال، وحكى القاضي رواية عن أحمد أن البيع يحرم بالزوال، وإن لم يجلس الإمام على المنبر، ولا يصح هذا، وتحريم البيع ووجوب السعي مختص بالمخاطبين بالجمعة، فأما غيرهم كالنساء فلا يثبت في


(١) "الأم" ١/ ١٧٣، انظر "المجموع" ٤/ ٣٦٦.