ولم يذكر فيه سلام الطائفة الأولى إذا تمت صلاتها، ولا ذكر سلامه - صلى الله عليه وسلم -
قبل أن تتم لانفسها، وذكر مالك ذلك في روايته عن يحيى بن سعيد، والزيادة مقبولة.
سادسها: لا يعترض على بعض الأحاديث لمخالفة الأصول، فإن الصلاة نفسها خرجت عنه للحاجة إليه.
سابعها: دل الدليل على أن الطائفة الثانية لا تدخل في الصلاة إلا بعد انصراف الأولى، وقوله {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ}[النساء: ١٠٢] دليلٌ على أن الطائفة الأولى تنصرف، فلم يبق عليها من الصلاة شيء تفعله بعد الإمام، وقد يقال: إن معنى {فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} ما بقي من صلاتك ويقضون ما فاتهم، وقوله:{فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ} لا يقتضي قضاء الجميع معًا، وإنما هو إخبارٌ عما أبيح لهم فعله بعدها من الذكر وغيره.
ثامنها: حديث جابر أخذ به الشافعي أيضًا: يصلي بكل طائفة ركعتين بناءً على جواز صلاة الفرض خلف المتنفل، وهذا إذا كان في سفر، ولم يُحْفظ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى صلاة الخوف قط في حضرٍ، ولم يكن له حرب في حضرٍ إلا يوم الخندق، ولم تكن نزلت صلاة الخوف بعد.
ودفع مالك وأبو حنيفة هذا التأويل، وقال أصحابهما: إنه - صلى الله عليه وسلم - كان في حضرٍ ببطن نخل على باب المدينة ولم يكن مسافرًا؛ وإنما كان خوف، فخرج منه محترسًا، ولم ينقل عنه سلام في ركعتين بهم، وادَّعى ابن القصار خصوصية ذلك به على تقدير أن يكون سفرًا، وهو بعيدٌ.