للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: ("وتكثر الزلازل") هو جمع زلزلة: وهي حركة الأرض بتحرك الموضع منها حَتَّى ربما سقط البناء. وظهورها والآيات وعيد من الرب جل جلاله لأهل الأرض: {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [الإسراء: ٥٩]، وكذا قَالَ - صلى الله عليه وسلم - إنه وعيد شديد لأهل الأرض. والتخويف والوعيد بهذه الآيات إنما يكون عند المجاهرة بالمعاصي والإعلان بها، ألا ترى قول عمر حين زلزلت المدينة في أيامه: يا أهل المدينة، ما أسرع ما أحدثتم؛ والله لإن عادت لأخرجن من بين أظهركم؛ فخشى أن تصيبه العقوبة معهم (١). كما قالت عائشة لرسول الله: أنهلك وفينا الصالحون؟ قَالَ: "نعم، إذا كثر الخبث" (٢) وإذا هلكت العامة بذنوب الخاصة بعث الله الصالحين على نياتهم.

واختلف في الصلاة عند الزلزلة والنار وسائر الآيات كما قَالَ ابن المنذر، فقالت طائفة: يصلى عندها كما في الكسوف، وروي عن ابن عباس أنه صلى في الزلزلة بالبصرة. وقال ابن مسعود: إذا سمعتم هذا من السماء فافزعوا إلى الصلاة (٣). وهو قول أحمد وإسحاق وأبي ثور (٤)، وكان مالك والشافعي لا يريان ذلك (٥). وروى الشافعي أن عليًّا صلى في الزلزلة جماعة، ثم قَالَ: إن صح قلتُ به (٦)، فمن


(١) رواه ابن أبي شيبة ٢/ ٢٢٢ (٨٣٣٥)، ونعيم بن حماد المروزي في "الفتن" ٢/ ٦٢٠ - ٦٢١ (١٧٣١)، والبيهقي ٣/ ٣٤٢ من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد قاله زلزلت الأض على عهد عمر .. الحديث.
(٢) رواه الترمذي (٢١٨٥)، وسيأتي برقم (٣٣٤٦). ورواه مسلم (٢٨٨٠) من حديث زينب بنت جحش.
(٣) "الأوسط" ٥/ ٣١٤.
(٤) "المغني" ٣/ ٣٣٢ - ٣٣٣.
(٥) انظر: "المدونة" ١/ ١٥٢، "التمهيد" ٥/ ٢٩٨، "الأم" ١/ ٢١٨، "البيان" ٢/ ٦٧٠.
(٦) انظر: "معرفة السنن والآثار" ٥/ ١٥٨ (٧١٦٣).