تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ٢] أي بين لكم كيف تكَفِّرون عنها في قول بعض المفسرين.
وقال الطبري: يحتمل قول عائشة: فرضت ركعتين في السفر، يعني: إن اختار المسافر ذلك، وإن اختار أربعًا. ونظير هذا التخيير النفر الأول من منى فإنه غير فيه. ولو كان فرض المسافر ركعتين فقط لما جاز له جعلها أربعًا بوجه من الوجوه، كما ليس للمقيم أن يجعل صلاته مثنى وصلاة الفجر أربعًا.
وقد اتفق فقهاء الأمصار على أن المسافر إذا ائتم بمقيم في جزء من صلاته أنه يلزمه الإتمام. فهذا يدل على أنه ليس فرضه ركعتين إلا على التخيير. وقال: إن من أتم من المسافرين فالفرض أختار، وإن من قصر فهو تمام فرضه.
واختلف الناس في وجه إتمام عثمان على أقوال:
أحدها: أنه أمير المؤمنين، فحيث كان في بلد فهو عمله. قاله أبو الجهم، ووجهه أن للإمام تأثيرًا في حكم الإتمام كما له تأثير في إقامة الجمعة إذا مر بقوم أنه يجمع بهم الجمعة. غير أن عثمان سار مع الشارع إلى مكة وغيرها، وكان مع ذلك يقصر، ويخدش في ذلك أن الشارع كان أولى بذلك، ومع ذلك لم يفعله، نعم صح عنه أنه كان يصلي في السفر ركعتين إلى أن قبضه الله كما ستعلمه (١).
ثانيها: أنه اتخذ منى مسكنًا، فلذلك أتم. روى معمر، عن الزهري
(١) سيأتي برقم (١١٠١ - ١١٠٢) كتاب: تقصير الصلاة، باب: من لم يتطوع في السفر وبر الصلاة وقبلها. مختصرًا، ورواه مسلم مطولًا برقم (٦٨٩) كتاب: صلاة المسافرين، باب: صلاة المسافرين وقصرها.