للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فمن لم يعتبرها خرق الإجماع. والميل ونحوه لا مشقة في قطعه فصار كالحضر.

واختلف العلماء سلفًا وخلفًا في إتمام الصلاة في السفر، فذهبت طائفة إلى أن ذلك سنة. وروي عن عائشة، وسعد بن أبي وقاص أنهما كانا يتمان فيه، ذكره عطاء بن أبي رباح عنهما (١)، وعن حذيفة مثله. وروي مثله عن المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن الأسود، وعن سعيد بن المسيب، وأبي قلابة (٢). وروى أبو مصعب عن مالك قَالَ: قصر الصلاة في السفر سنة، وهو قول الشافعي إذا بلغ سفره ثلاثة مراحل، وأبي ثور. وعن الشافعي قول: أنه مخير بينهما، غير أن الإتمام أفضل. وذهب بعض أصحابه إلى أنه مخير، والقصر أفضل (٣). قَالَ ابن القصار: وهذا اختيار الأبهري واختياري. وذهبت طائفة إلى أن الواجب على المسافر ركعتان، روي ذلك عن عمر، وابنه، وابن عباس، وهو قول الكوفيين، ومحمد بن سحنون. واختاره إسماعيل بن إسحاق من أصحاب مالك (٤).

واحتج الكوفيون بحديث عائشة: فرضت الصلاة ركعتين في الحضر والسفر. وقد سلف في أول كتاب الصلاة شيء من معنى ذلك (٥)، ولا شك أن الفرض يأتي بمعنى لغير الإيجاب كما تقول: فرض القاضي النفقة، إذا قدرها وبينها. ومنه قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ


(١) روى عنهم هذِه الآثار البيهقي في "معرفة السنن والآثار" ٤/ ٢٦٤ (٦١٠٠ - ٦١٠١) كتاب: الصلاة، باب: الإتمام في السفر.
(٢) وهذا أحد قولي مالك، وروى أشهب عنه أنه فرض، انظر: "المنتقي" ١/ ٢٦٠.
(٣) انظر: "البيان" ٢/ ٤٥٨.
(٤) انظر: "شرح معاني الآثار" ١/ ٤٢٠، "الأوسط" ٤/ ٣٣٩.
(٥) برقم (٣٥٠) باب: كيف فرضت الصلاة في الإسراء.