للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الظاهرية. قَالَ: ولا يجوز لنا أن نوقع اسم سفر وحكم سفر إلا على من سماه من هو حجة في اللغة سفرًا، فلم يحدد ذلك في أقل من ميل، وقد روينا الميل عن ابن عمر، فإنه قَالَ: لو خرجت ميلًا لقصرت الصلاة (١)، وروي عن ابن عمر خلاف ذلك (٢)، والمسألة محل بسطها الخلافيات، وقد عقد لها البخاري بابًا ستمر به قريبًا -إن شاء الله- واحتجوا بحديث أبي سعيد الخدري أنه - صلى الله عليه وسلم - سافر فرسخًا فقصر (٣)، ولا دلالة فيه؛ لأنه ليس فيه أن سفره كان فرسخًا، ويجوز أن يكون فعل ذلك إشارة إلى أنه لا يفتقر القصر إلى قطع جميع المسافة، بل بالشروع فيها.

وعبارة ابن بطال: حكى من لا يعتد بخلافه من أهل الظاهر أنه يجوز القصر في قليل السفر وكثيره إذا جاوز البنيان، ولو قصد إلى بستانه، وحكوه عن علي (٤). وحجة مالك حديث: "لا يحل لامرأة تؤمن باللهِ واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة" (٥) فجعل اليوم والليلة حكمًا خلاف الحضر، فعلمنا أنه الزمن الفاصل بين السفر الذي يجوز فيه القصر، وبين ما لا يجوز (٦). ونقل القاضي أبو محمد وغيره إجماع الصحابة على اعتبار مسافة، وإن اختلفوا في مقدارها،


(١) "المحلى" ٥/ ١٩ - ٢٠.
(٢) ابن أبي شيبة ٢/ ٢٠٢ - ٢٠٣ (٨١٢٠، ٨١٣٦)، ولفظه: أن ابن عمر خرج إلى أرض له بذات النصب فقصر وهي ستة عشر فرسخًا.
(٣) رواه ابن أبي شيبة ٢/ ٢٠٢ (٨١١٣) كتاب: الصلوات، باب: في مسيرة كم يقصر الصلاة.
(٤) رواه عنه ابن أبي شيبة ٢/ ٢٠٦ (٨١٦٩) كتاب: الصلوات، باب: من كان يقصر الصلاة.
(٥) سيأتي برقم (١٠٨٨) كتاب: تقصير الصلاة، باب: في كم يقصر الصلاة.
(٦) "شرح ابن بطال" ٣/ ٧٨ - ٧٩.