للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مسافة الخروج إلى عرفة إذا انفصلت عما قبلها من السفر لا توجب القصر.

ولا شك أن عثمان لا يتعمد مخالفة الشارع لغير معنى، ومثله أنه كان له بمنى أرض فكأنه كالمقيم، وهذا فيه بعد، إذ لم يقل أحد: إن المسافر إذا مر بما يملكه من الأرض ولم يكن له فيها أهل أن حكمه حكم المقيم.

ثالثها: ما رواه أيوب، عن الزهري أن الأعراب كثروا في ذلك العام فأحب أن يخبرهم أن الصلاة أربع، ذكره أبو داود (١). وقال البيهقي في "المعرفة": قد روينا بإسناد حسن، عن عبد الرحمن بن حميد، عن أبيه، عن عثمان أنه أتم الصلاة بمنى ثم خطب الناس فقال: أيها الناس، إن القصر سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسنة صاحبيه، ولكنه حدث قيام من الناس فخفت أن يستنوا (٢). وقال ابن جريج: إن أعرابيًّا ناداه في منى فقال: يا أمير المؤمنين ما زلت أصليها منذ رأيتك عام الأول صليتها ركعتين، فخشي عثمان أن يظن جهال الناس أن الصلاة ركعتان، وهذا يرده أن الشارع كان أولى بذلك ولم يفعله (٣).

رابعها: أنه تأول أن القصر رخصة غير واجب، وأخذ بالأكمل الأتم، وتأول أن الشارع قصد بقصره التخفيف كالفطر ويؤيده ما رواه الطحاوي، عن عائشة: قصر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتم في السفر (٤)، وكان


(١) "سنن أبي داود" برقم (١٩٦٤) كتاب: المناسك، باب: الصلاة بمنى، قال الألباني في "صحيح أبي داود" برقم (١٧١٣): إسناده حسن لغيره، وقد قواه الحافظ.
(٢) "معرفة السنن والآثار" ٤/ ٢٦٣ (٦٠٩٧) كتاب: الصلاة، باب: الإتمام في السفر.
(٣) رواه عبد الرزاق ٢/ ٥١٨ (٤٢٧٧) كتاب: الصلاة، باب: السفر.
(٤) "شرح معاني الآثار" ١/ ٤١٥.