للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بشيء (١). قَالَ الطحاوي: وذلك لأن الأعراب كانوا بأحكام الصلاة أجهل في زمن الشارع فلم يتم بهم لتلك العلة، ولم يكن عثمان ليخاف عليهم ما لم يخفه الشارع؛ لأنه بهم رءوف رحيم (٢).

قَالَ غيره: ألا ترى أن الجمعة لما كان فرضها ركعتين لم يعدل عنها، وكان يحضرها الغوغاء والوفود، وقد يجوزوا أن صلاة الجمعة في كل يوم ركعتان.

وأما ما ذكر عنه أنه أزمع على المقام بعد الحج فليس بشيء؛ لأن المهاجرين فرض عليهم ترك المقام بمكة، وهذا أسلفته. وصح عن عثمان أنه كان لا يودع النساء إلا على ظهر راحلته، ويسرع الخروج من مكة؛ خشية أن يرجع في هجرته التي هاجرها لله. وما ذكر عنه أنه اتخذ أهلًا بمكة، فالشارع كان في غزواته وحجه وأسفاره كلها يسافر بأهله بعد أن يقرع بينهن (٣)، وكان أولى أن يتأول ذلك ويفعله، فلم يفعله وقصر. وكذا ما تأولوا في إتمام عائشة أنها كانت أم المؤمنين فحيث ما حلَّت فهو بيتها، وهذا في الضعف مثل الأول. ألا ترى أنه - صلى الله عليه وسلم - كان أبًا للمؤمنين، وهو أولى بهم من عائشة، ولم يتأول ذلك.

قَالَ ابن بطال (٤): والوجه الصحيح في ذلك -والله أعلم- أن عثمان وعائشة إنما أتما في السفر؛ لأنهما اعتقدا في قصره - صلى الله عليه وسلم - أنه لما خير بين القصر والإتمام اختار الأيسر من ذلك على أمته، وقد قالت عائشة: ما خير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن


(١) "شرح ابن بطال" ٣/ ٧١ - ٧٢.
(٢) "شرح معاني الآثار" ١/ ٤٢٦.
(٣) يشير المصنف -رحمه الله- إلى حديث عائشة الآتي برقم (٢٥٩٣)، ورواه مسلم (١٤٦٣).
(٤) "شرح ابن بطال" ٣/ ٧٢ - ٧٣.