للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يقصر الصلاة، ثم خرج يوم التروية إلى منى، وهو الثامن، فلم يزل مسافرًا في المناسك إلى أن تم حجه. فجعل أحمد بن حنبل أربعة أيام يقصر فيها الصلاة إذا نوى إقامتها، وإن نوى أكثر من ذلك فهو حضر يتم فيه الصلاة. واستدل بحديث ابن عباس هذا (١)، وقد سلف ما فيه من المذاهب، وأقوال أصحابنا في باب: ما جاء في التقصير (٢).

وقال ابن أبي صفرة: هذا الحديث يدل على أنه من أقام عشرين صلاة يقصر؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - صلى في الرابع الظهر والعصر إلى صبح الثامن ولم يتم، وهو حجة على ابن الماجشون، وسحنون في قولهما أنه من أقام عشرين صلاة أنه يتم (٣).

وذهب مالك، والشافعي، وأبو ثور إلى أنه من عزم على إقامة أربعة أيام بلياليها أنه يتم الصلاة ولا يقصر (٤).

وروي مثله عن عمر، وعثمان، وحجة هذِه المقالة حديث العلاء بن الحضرمي السالف، أنه جعل للمهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثًا ثم يصدر.

وذلك أن الله تعالى حرم على المهاجرين الإقامة بمكة، ولا تستوطن، ثم أباح الثلاث بعد قضاء النسك فتبين أن أيام مكثه هي سفر لا إقامة، إذ لو كان فوق الثلاث سفرًا لما منعهم من ذلك، فدل أنه إقامة ووجب أن تكون الثلاث فصل بين السفر والإقامة، ولا وجه لمن اعتبر مقامه - صلى الله عليه وسلم - من حين دخوله مكة إلى خروجه إلى منى، ولا إلى صدره إلى المدينة؛ لأن مكة ليست له بدار إقامة، ولا لأحد من المهاجرين؛


(١) انظر: "المغني" ٣/ ١٥٠.
(٢) يراجع شرح حديثي (١٠٨٠ - ١٠٨١).
(٣) انظر: "النوادر والزيادات" ١/ ٤٣٠.
(٤) "المدونة" ١/ ١١٦ - ١١٧، "الأم" ١/ ١٦٤، "الأوسط" ٤/ ٣٥٧.