ومعناه: المحقق وجوده، وكل شيء صح وجوده وتحقق فهو حق، ومنه قوله تعالى: {الْحَاقَّةُ (١)} [الحاقة: ١] أي: الكائنة حقًا بغير شك.
وهذا الوصف للرب جل جلاله بالحقيقة والخصوصية لا ينبغي لغيره إذ وجوده لنفسه، فلم يسبقه عدم ولا يلحقه عدم، وما عداه بما يقال عليه ذلك فهو بخلافه.
وقال ابن التين:"أَنْتَ الحَقُّ" يحتمل أن يريد أنه اسم من أسمائه، ويحتمل أن يريد أنه الحق ممن يدعي المشركون أنه إله من قوله تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ}[لقمان: ٣٠] وظاهر قوله في هذا: الحق، يعود إلى الصدق، ويتعلق تسميته إلهًا. بمعنى أن من سمَّاه إلهًا قَالَ الحق. من سمَّى غيره: إلهًا. كذب.
وقوله: ("وَوَعْدُكَ الحَقُّ") يعني: إنه متحقق لا شك فيه، ولا يَخْلِف ولا يُخلف الميعاد؛ {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا} إلا ما تجاوز عنه {وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى}[النجم: ٣١] وقيل في قوله: {إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ}[إبراهيم: ٢٢]: وعد الجنة من أطاعه، ووعد النار من كفر به؛ وفاءً بوعده، وكان عائدًا إلى معنى الصدق، ويحتمل أن يريد به أن وعده حق بمعنى: إثبات أنه قد وعد بالبعث والحشر والثواب والعقاب؛ إنكارًا لقول من أنكر وعده بذلك وكذب الرسل فيما بلغوه من وعده ووعيده.