قوله:(فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ). يحتمل وجهين، كما قَالَ ابن الجوزي.
أحدهما: فيفرضه الله تعالى.
والثاني: فيعملوا به اعتقادًا أنه مفروض.
وقال ابن بطال: ظاهر حديث عائشة أن من الفرائض ما يفرضه الله تعالى على العباد من أجل رغبتهم فيها وحرصهم؛ والأصول ترد هذا التوهم، وذلك أن الله تعالى فرض على عباده الفرائض، وهو عالم بثقلها وشدتها عليهم، أراد محنتهم، بذلك لتتم الحجة عليهم فقال:{وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ}[البقرة: ٤٥]. وحديث موسى ليلة الإسراء حين رده من خمسين صلاة إلى خمس. قَالَ: ويحتمل حديث عائشة -والله أعلم- معنيين:
أحدهما: أنه يمكن أن يكون هذا القول منه في وقت فرض قيام الليل عليه دون أمته، لقوله في الحديث الآخر:"لم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن ثفرض عليكم"(١)، فدل على أنه كان فرضًا عليه وحده.
وروى ابن عباس أن قيام الليل كان فرضًا عليه، فيكون معنى قول عائشة: إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليدع العمل. يعني: إن كان يدع عمله لأمته، ودعواهم إلى فعله معه لا أنها أرادت أنه كان يدع العمل أصلًا وقد فرضه الله عليه، أو ندبه إليه؛ لأنه كان أتقى أمته، وأشدهم اجتهادًا.
ألا ترى أنه لما اجتمع الناس من الليلة الثالثة أو الرابعة لم يخرج إليهم، ولا شك أنه صلى حزبه تلك الليلة في بيته، فخشي أن يخرج