للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إليهم، والتزموا معه صلاة الليل أن يسوي الله -عز وجل- بينه وبينهم في حكمها، فيفرضها عليهم من أجل أنها فرض عليه، إذ المعهود في الشريعة مساواة حال الإمام والمأموم في الصلاة، فما كان منها فريضة فالإمام والمأموم فيه سواء، وكذلك ما كان منها سنة أو نافلة.

الثاني: أن يكون خشي من مواظبتهم على صلاة الليل معه أن يضعفوا عنها فيكون من تَرَكَها عاصيًا لله تعالى في مخالفته لنبيه وترك اتِّباعه، متوعدًا بالعقاب على ذلك؛ لأن الله تعالى فرض اتباعه فقال: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: ١٥٨] وقال في ترك اتَّباعه: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: ٦٣] فخشي على تاركها أن يكون كتارك ما فرض الله عليه؛ لأن طاعة الرسول كطاعته، وكان - صلى الله عليه وسلم - رفيقًا بالمؤمنين رحيمًا بهم. ويأتي في باب: ما يكره من السؤال. في كتاب الاعتصام، زيادة إن شاء الله (١).

وقال ابن التين -بعد أن ذكر السؤال في أنه كيف يجوز أن تكتب عليهم صلاة الليل وقد أكمل الله عدد الفرائض ورد عدد الخمسين إلى الخمس-: قيل: صلاة الليل كانت مكتوبة عليه، وأفعاله التي تتصل بالشريعة واجب على الأمة الاقتداء به فيها، وكان أصحابه إذا رأوه يواظب على فعلٍ في وقت معلوم يقتدون به ويرونه واجبًا، فَتَرَك الخروج إليهم في الليلة الرابعة لئلا يدخل ذلك في حد ما وجب، والزيادة إنما يتصل وجوبها عليهم من جهة وجوب الاقتداء بأفعاله لا من جهة ابتداء فرض زائد على الخمس، وهذا كما يوجب المرء على نفسه صلاة نذر فتجب عليه، ولا يدل ذلك على زيادة فرض في جملة الشرع المفروض في الأصل.


(١) "شرح ابن بطال" ٣/ ١١٧ - ١١٨، وانظر ما سيأتي (٧٢٨٩ - ٧٢٩٧).