للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال آخرون: بل جاء الاختلاف فيها من قبل الرواة، وإن الصحيح منها إحدى عشرة بالوتر. وقد كشفت عائشة هذا المعنى، ورفعت الإشكال فيه بقولها: ما زاد على إحدى عشرة. وهي أعلم الناس بأفعاله؛ لشدة مراعاتها له، وهي أضبط من ابن عباسٍ؛ لأنه إنما رقب صلاته مرة حين بعثه العباس (١)؛ ليحفظ صلاته بالليل، وعائشة رقبت ذلك دهرها كلّه؛ فما روي عنها بما خالف إحدى عشرة، فهو وَهَمٌ، ويحتمل الغلط في ذلك أن يقع من أجل أنهم عدوا ركعتي الفجر مع الإحدى عشرة فتمت بذلك ثلاثة عشرة، وقد جاء هذا المعنى بينًا في طريق عبد الرزاق، عن الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن كريب، عنه في مبيته عند ميمونة (٢)، وروى ابن وهب من طريق عروة، عن عائشة كذلك (٣).

فكل ما خالف هذا عنها فهو وَهَمٌ، قالوا: ويدلُّ على صحة ذلك قول ابن مسعودٍ للرجل الذي قَالَ: قرأت المفصل في ركعة: هذا كهذِّ الشعر لقد عرفت النظائر التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرن بينها. فذكر عشرين سورةً من المفصل سورتين في كلِّ ركعةٍ (٤). فدلَّ هذا على أنَّ حزبه بالليل عشر ركعات، ثم يوتر بواحدة قاله المهلب وأخوه عبد الله (٥).


(١) مسلم برقم (٧٦٣/ ١٩٣).
(٢) جاء هذا الطريق عند عبد الرزاق ٢/ ٤٠٣ (٣٨٦٢) باب: رفع الإمام صوته بالقراءة، وفي ٣/ ٣٦ - ٣٧ (٤٧٠٧) باب: صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - من الليل ووتره.
(٣) هذِه الرواية في مسلم (٧٣٦/ ١٢٢) باب: صلاة الليل وعدد ركعات النبي - صلى الله عليه وسلم - ..
(٤) سلفت هذِه الرواية برقم (٧٧٥) باب: الجمع بين السورتين في الركعة.
(٥) كما في "شرح ابن بطال" ٣/ ١٣٠.