للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، وبمعنى القول: {سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللهُ} [الأنعام: ٩٣] أي: سأقول مثل ما قال. والإقبال على الشيء، وذلك مستعمل في كلامهم جار في عرفهم، يقولون: نزل من مكارم الأخلاق إلى دنيها. أي: أقبل إلى دنيها ونزل قدر فلان عند فلان إذا انخفض، وبمعنى نزول الحكم، من ذلك قولهم: كنا في خير وعدل حَتَّى نزل بنا بنو فلان.

أي: حكمهم. وذلك كله متعارف عند أهل اللغة.

وإذا كانت مشتركة المعنى وجب حمل ما وصف به الرب جل جلاله

من النزول على ما يليق به من بعض هذِه المعاني التي لا تقتضي له ما لا يليق بنعته من إيجاب حدث يحدث في ذاته، وهو إقباله على أهل الأرض بالرحمة والاستعطاف بالتذكير والتشبه الذي يلقى في قلوب أهل الخير منهم (١)، والزواجر التي تزعجهم إلى الإقبال على الطاعة ووجدناه تعالى


(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الصواب والمأثور عن سلف الأمة وأئمتها أنه لا يزال فوق العرش. ولا يخلو العرش منه مع دنوه ونزوله إلى السماء الدنيا ولا يكون العرش فوقه. وكذلك يوم القيامة كما جاء به الكتاب والسنة، وليس نزوله كنزول أجسام بني آدم من السطح إلى الأرض بحيث يبقى السقف فوقهم بل الله منزه عن ذلك.
وأما قول النافي: إنما ينزل أمره ورحمته؛ فهذا غلط لوجوه. وقد تقدم التنبيه على ذلك على تقدير كون النفاة من المثبتة للعلو. وأما إذا كان من النفاة للعلو والنزول جميعًا؛ فيجاب أيضًا بوجوه:
أحدها: أن الأمر والرحمة إما أن يراد بها أعيان قائمة بنفسها كالملائكة، وإما أن يراد بها صفات وأعراض. فإن أريد الأول؛ فالملائكة تنزل إلى الأرض في كل وقت. وهذا خص النزول بجوف الليل، وجعل منتهاه سماء الدنيا.
والملائكة لا يختص نزولها لا بهذا الزمان ولا بهذا المكان. كان أريد صفات وأعراض مثل ما يحصل في قلوب العابدين في وقت السحر من الرقة والتضرع وحلاوة العبادة ونحو ذلك: فهذا حاصل في الأرض ليس منتهاه السماء الدنيا.
الثاني: إن في الحديث الصحيح: انه ينزل إلى السماء الدنيا ثم يقول: "لا أسال =