للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفيه: الأمر بالإقْبَال عليها بنشاط، وإذا فتر فليقعد حَتَّى يذهب الفتور، وإزالة المنكر باليد لمن تمكن منه، وجواز التنفل في المسجد وذلك لأنها كانت تصليها فيه فلم ينكر عليها، وكراهية الاعتماد على الشيء في الصلاة، ويأتي إن شاء الله في باب: استعانة اليد في الصلاة إذا كان من أمر الصلاة (١)، من كره ذلك ومن أجازه، وإنما كره التشديد في العبادة، خشية الفتور والملالة، وقد قَالَ الشارع: "خير العمل ما داوم عليه صاحبه وإن قل" (٢) وقَالَ الرب جل جلاله: {لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] وقال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] فكره الإفراط في العبادة؛ لئلا ينقطع عنها المرء فيكون كأنه رجوع فيما بذله من نفسه للرب جل جلاله وتطوع به.

وقوله: (فذكر من صلاتها) هو من قول عروة أو من رواة الحديث، وهو تفسير لقول عائشة: لا تنام الليل. ووصفتها بالامتناع من النوم؛ لأنه دأب الصالحين.

واختلف قول مالك فيمن يحيى الليل كله، فكرهه مرة، وهو مذهب الشافعي، وفي الشارع أسوة حسنة، كان يصلي أدنى من ثلثي الليل ونصفه، ثم رجع فقال: لا بأس به ما لم يضر بصلاة الصبح (٣).

وقوله: ("لا يمل حَتَّى تملوا") أي: لا يمل من الثواب حَتَّى تملوا أنتم من العمل الذي هو شأنكم. ومعنى الملل من الله: ترك الإعطاء.

ومعناه هنا: السآمة. إلا أنه لما كان الأمر من الترك وصف تركه


(١) انظر ما سيأتي برقم (١١٩٨).
(٢) يأتي برقم (٥٨٦١) كتاب: اللباس، باب: الجلوس على الحصير ونحوه.
(٣) انظر: "النوادر والزيادات" ١/ ٥٢٦، "التهذيب" ٢/ ٢٣٥، "البيان" ٢/ ٢٨٢.