للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما قول مجاهد: إذا أقيمت عليه الصلاة ودعاه أبوه وأمه فليجبهما (١). فيحتمل أن يكون أمره بإجابتهما إذا كان الوقت واسعًا ولم يدخل في الصلاة، فيجتمع له إجابة أبويه وقضاء الصلاة في وقتها، والحاصل إجابة دعوة الوالدة في السراء والضراء.

وقوله: ("اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي") إنما سأل أن يلقي في قلبه الأفضل، ويحمله على أولَى الأمرين به، فحمله على التزام مراعاة حق الله تعالى على حق أمه، وقد يمكن أن يكون جريج نبيًّا؛ لأنه كان في زمن يمكن فيه النبوة، قاله ابن بطال (٢).

فإن قلتَ: يحتمل أن يكون حديث أبي سعيد بن المعلى السالف قبل تحريم الكلام في الصلاة كما قلت، فكيف جاز له ترك مجاوبة النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان الكلام مباحًا؟

فالجواب: أنه يمكن أن يتأول أبو سعيد قوله: {اسْتَجِيبُوا} [الأنفال: ٢٤] إذا كنتم في غير صلاة، فعذره - صلى الله عليه وسلم - بذلك حين رأى التزام السكوت في الصلاة تعظيمًا لشأنها، كما تأول أصحابه يوم الحديبية حين أمرهم بالحلاق أن لا يحلقوا لما لم يبلغ الهدي محله.

فإن قلتَ: فيحتمل أن يدعوه وقت تحريم الكلام في الصلاة؟.

فالجواب أنه يحتمل ذلك، ويكون استجابته له بالتسبيح، فيوجز في صلاته، فتجتمع طاعة الله بإتمام الصلاة وطاعة الرسول بالاستجابة له.

وأظهر التأويلين أن يدعوه - صلى الله عليه وسلم - وقت إباحة الكلام في الصلاة.


(١) رواه عنه هناد في "الزهد" ٢/ ٤٧٨ (٩٧٣).
(٢) "شرح ابن بطال" ٣/ ١٩٧.