للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس". ثم تحول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسجد (١).

وهو مما يستشكل ظاهره؛ لأن ظاهره أنه - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لهم هذا الكلام بعد أن ذكر أنه زاد أو نقص قبل أن يسجد للسهو، ثم بعد أن قاله سجد للسهو، ومتى ذكر كذلك فالحكم أنه يسجد ولا يتكلم، ولا يأتي بمناف للصلاة، والجواب عنه من أوجه:

أحدها: أن (ثُمَّ) هنا ليست لحقيقة الترتيب، وإنما هي لعطف جملة على جملة، وليس معناه أن التحويل والسجود كان بعد الكلام، بل إنما كانا قبله.

ويؤيده أنه جاء في حديث ابن مسعود هذا: فزاد أو نقص، فلما سلم قيل له: يا رسول الله، أحدث في الصلاة شيء؟ قَالَ: "وما ذاك؟ " قالوا: صليت كذا وكذا، فثنى رجليه واستقبل القبلة، فسجد سجدتين ثم سلم، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: "إنه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر" الحديث (٢).

وهي صريحة أن التحول والسجود كان قبل الكلام فتحمل الثانية عليها جمعًا بين الروايتين، وحمل الثانية على الأولى أولى من عكسه؛ لأن الأولى على وفق القواعد.

ثانيها: أن يكون هذا قبل تحريم الكلام.

ثالثها: أنه وإن كان عامدًا بعد السلام لا يضره، وهو أحد وجهي أصحابنا، أنه إذا سجد لا يصير عائدًا إلى الصلاة حَتَّى لو أحدث فيه لا تبطل صلاته، والأصح: نعم.


(١) رواه مسلم (٥٧٢/ ٩٤).
(٢) سلف برقم (٤٠١).