للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: "حَتَّى يظل" أي: لا يعرف كلم صلى.

ثم اعلم أن حديث أبي هريرة هذا بخلاف حديث أبي سعيد: "إذا شك أحدكم فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم" (١). وذكر الطبري عن بعض أهل العلم أنه يأخذ بأيهما أحب لعدم التأريخ، ومنهم من رجح حديث أبي سعيد بالقياس؛ لأن محمل من شك أنه لم يفعل، والركعة في ذمته بيقين، فلا تبرأ بشكٍ.

وقال أبو عبد الملك: يحمل حديث أبي هريرة هذا على من استنكحه (٢) السهو، وقال: لو كان حكمه حكم حديث أبي سعيد لبينه.

وردوه عليه، والأولى أن يكون حديث أبي سعيد مفسرًا له، وأن بعض الرواة قصر في ذكره، على أن حديث أبي هريرة حمل على كل ساهٍ، وأن حكمه السجود، ويرجع في بيان حكم المصلي فيما يشك فيه وفي موضع سجوده من صلاته إلى سائر الأحاديث المفسرة، وهو قول أنس وأبي هريرة والحسن وربيعة ومالك والثوري والشافعي (٣) وأبي ثور وإسحاق، وما حمله عليه أبو عبد الملك هو ما فسره الليث ابن سعد، وقاله مالك وابن القاسم.

وعن مالك قول آخر: لا يسجد له أيضًا. حكاه ابن نافع عنه، وقال ابن عبد الحكم: لو سجد بعد السلام كان أحبَّ إليَّ (٤).


(١) رواه مسلم برقم (٥٧١) كتاب: المساجد، باب: السهو في الصلاة والسجود له.
(٢) أي:/ غلبة، انظر: "لسان العرب" ٨/ ٤٥٣٦.
(٣) رواه ابن أبي شيبة عن الحسن وأنس ١/ ٣٨٥ (٤٤١٧) كتاب: الصلوات، باب: في الرجل يصلي فلا يدري زاد أو نقص.
وذكره عنهم ابن المنذر في "الأوسط" ٣/ ٣٠٨.
(٤) انظر: "المنتقى" ١/ ١٧٦ - ١٧٨.