للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كان ذَلِكَ القميص أو قصيرًا فإنه يجوز الكفن فيه، وكان عبد الله بن أبي طويلًا، ولذلك كسا العباس قميصه، وكان العباس بائن الطول.

وقال ابن التين: هكذا وقعت هذِه الترجمة فضبطها بعضهم بضم الياء وفتح الكاف وتشديد الفاء، وبعضهم بإسكان الكاف وكسر الفاء، وقرأه بعضهم بضم الياء، والأول أشبه بالمعنى (١)، وفيهما دلالة عَلَى الكفن في القميص، وقد سلف ما فيه.

وأجاب المخالف بأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما دفعه إليه للمكافأة؛ لأنه لما أتي بأسارى بدر كان العباس في جملتهم، ولم يكن عليهم ثوب فنظر - صلى الله عليه وسلم - لَهُ قميصًا فوجدوا قميص عبد الله بن أبي يقدر عليه فكساه - صلى الله عليه وسلم - إياه فكافأه - صلى الله عليه وسلم - بأن كفنه في قميصه، كما سيأتي في البخاري في باب: هل يخرج الميت من القبر لعلة؛ لئلا يكون للكافر عليه يد (٢).

وأراد أن يخفف عنه من عذابه مادام ذَلِكَ القميص عليه، ورجاء أن يكون معتقد البعض ما كان يظهر من الإسلام فينفعه الله بذلك، ويدل عليه أن الله إنما أعلمه بأمره ونهاه عن الصلاة عليه وعلى غيره بعد ما صلى عليه، وأما حين صلى عليه لم يعلم حقيقة أمره ولا باطنه، ويجوز أن يكون فعله تألّفًا لابنه ولعشيرته.

وروى عبد بن حميد في "تفسيره" أنه أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - لما دعاه إليه بأن تشهد غسلي إِذَا من وتكفني في ثلاثة أثواب من ( … ) (٣) وتمشي مع جنازتي وتصلي عليَّ ففعل، وقال الحاكم: مرض ابن أبي في شوال عشرين ليلة وهلك في ذي القعدة سنة تسع منصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من


(١) انظر: اليونينية ٢/ ٧٦.
(٢) يأتي برقم (١٣٥٠) كتاب: الجنائز.
(٣) بياض بالأصل مقدار كلمة.