للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ} [المنافقون: ٦] الآية (١) فتركه.

واستغفار الشارع لسعة حلمه عمن يؤذيه، أو لرحمته عند جريان القضاء عليهم، أو إكرامًا لولده. وقيل: معنى الآية الشرط أي: إن شئت فاستغفر، وإن شئت فلا. مثل قوله تعالى: {قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ} [التوبة: ٥٣]، وقيل: معناهما سواء، وقيل: معناه: المبالغة في اليأس.

وقال الفراء: ليس بأمر، إنما هو على تأويل الجزاء (٢). وقال النحاس: منهم من قال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة: ٨٠] منسوخ بقوله: {وَلَا تُصَلِّ} [التوبة: ٨٤] ومنهم من قال: لا، بل هي عَلَى التهديد لهم. وتوهم بعضهم أن قوله: {وَلَا تُصَلِّ} ناسخ لقوله: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ١٠٣]، وهو غلط فإن تلك أنزلت في أبي لبابة وجماعة معه لما ربطوا أنفسهم لتخلفهم عن تبوك (٣).

والحديث الثاني ظاهره مضاد للأول أنه أخرجه ونفث عليه من ريقه وألبسه قميصه، وهناك أعطى قميصه لولده.

قال الداودي: الله أعلم أي الأمرين كان، ويحتمل أن يكون المراد بالإعطاء: الإنعام، قاله ابن التين، أو أنه خلع عنه القميص الذي كفن فيه وألبسه سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قميصه بيده الكريمة.

وقال ابن الجوزي: يجوز أن يكون جابر شهد ما لم يشهد ابن عمر، ويجوز أن يكون أعطاه قميصين قميص الكفن ثمَّ أخرجه فألبسه آخر، وكان ذَلِكَ إكرامًا لولده أو لأنه ما سُئِلَ شيئًا قط فقال: لا (٤).


(١) رواه الطبري ٦/ ٤٣٩ (١٧٠٦٦).
(٢) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٤١.
(٣) "الناسخ والمنسوخ" ٢/ ٤٦٣، ٤٦٧ - ٤٦٨.
(٤) جاء ذلك في حديث يأتي برقم (٦٠٣٤) كتاب: الأدب، باب: حسن الخلق والسخاء.