للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال القرطبي: ويُمكن أن يُقال إنَّ النِّساءَ إنما يُمنعن من إكثار الزيارة؛ لما يؤدي إليه الإكثار من تضييع حقوق الزوجِ، والتبرج والشهرة والتشبه عن تلازم القبور لتعظيمها، ولما يخاف عليها من الصراخ، وغير ذلك من المفاسد، وعلى هذا يُفرق بين الزائرات والزوَّارات (١).

قلتُ: والحديث ورد بهما.

والأمة مُجمعة على زيارة قبرِ نبينا - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر، وكان ابن عمر إذا قدم من سفر أتى قبره المكرم، فقال: السلام عليك يا رسولَ الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليكم يا أبتاه (٢).

ومعنى النهي عن زيارة القبور إنما كان في أول الإسلام عند قربهم بعبادة الأوثان واتخاذ القبور مساجد، فلما استحكم الإسلام وقوي في قلوب الناس وأُمنت عبادة القبور والصلاة إليها، نُسخ النهي عن زيارتها؛ لاْنها تُذكِرُ بالآخرةِ، وتُزهد في الدنيا.

وروينا عن طاوس قال: كانوا يستحبون أن لا يتفرقوا عن الميتِ سبعة أيام، لأنهم يُفتنون ويُحاسبون في قبورهم سبعةَ أيامٍ.

وفي حديثِ أنس ما كان عليه من التواضع والرفق بالجاهل؛ لأنه لم


(١) "المفهم" ٢/ ٦٣٣.
وقال الألباني: تبين من تخريج الحديث أن المحفوظ فيه إنما هو بلفظ: زوارات؛ لاتفاق حديث أبي هريرة وحسان عليهن وكذا حديث ابن عباس في رواية الأكثرين. "أحكام الجنائز" ص ٢٣٦.
(٢) رواه عبد الرزاق في "المصنف" ٣/ ٥٧٦ (٦٧٢٤) وابن سعد في "طبقاته" ٤/ ١٥٦، وابن أبي شيبة ٣/ ٢٩ (١١٧٩٢)، والبيهقي ٥/ ٢٤٥ من طريق نافع عنه.
وصححه الألباني في "فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -" (١٠٠).