القريب الأقرب والإحسان إليه أفضل من الأبعد، وأن الإخلاص شرط في الثواب والإنفاق في وجوه الخير، وأن المباح بالنية يصير قربة، فإن وضع اللقمة في فم الزوجة إنما يكون عادة عند ملاعبتها وتسلية من كره حالة يخالف ظاهرها الشرع ولا سبب له فيها، وأن الإنسان قد يكون له مقاصد دينية فيقع في مكاره تمنعه منها فيخلص منها بالرجاء وسؤال الرب جل جلاله إتمام العمل على وجه لا يدخله نقص، وفضيلة طول العمر للازدياد من العمل الصالح، وجواز تخصيص عموم الوصية المذكورة في القرآن بالسنة، وهو قول الجمهور.
وفيه: معجزات ظاهرة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله لسعد من طول عمره وفتح البلاد وانتفاع أقوام وضر آخرين ومنقبة ظاهرة لسعد، وفضائل عديدة منها: مبادرته إلى الخيرات، وكمال شفقته - صلى الله عليه وسلم -، وتعظيم أمر الهجرة.
وفيه: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر سعدًا بالوصية للأقربين بعد أن أخبره أنه لا يرثه إلا ابنة، ولو كانت آية الوصية للأقربين غير منسوخة لأمره به، فدل على أنها لا تجب، والذي عليه عامة العلماء أنها منسوخة. وقال الشعبي والنخعي: إنما كانت على وجه الندب؛ لأن الشارع مات ولم يوص، ودخل عليُّ على مريض فأراد أن يوصي، فنهاه، وقال: الله تعالى يقول: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا}[البقرة: ١٨٠] وأنت لم تدع مالًا فدع مالك لأهلك وغير ذلك (١).
(١) رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ٦/ ٢٣٠ (٣٠٩٣٦)، كتاب الوصايا، باب: في الرجل يكون له المال الجديد القليل، أيوصي فيه؟، والحاكم ٢/ ٢٧٣ - ٢٧٤ كتاب: التفسير.