للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفيه: أن الثلث في الوصايا في حد الكثرة.

وقد اختلفت المالكية في مسائل، ففي بعضها جعلوه داخلًا في حد الكثرة بالوصية لقوله - عليه السلام -: "والثلث كثير" وفيه بحث، وقد أجمع العلماء في الأعصار المتأخرة على أن من له وارث لا تنفذ وصيته بما زاد على الثلث إلا بإجازته (١)، وشذ بعض السلف في ذلك، وهو قول أهل الظاهر، فمنعوها وإن أجازها الورثة (٢)، وأما من لا وارث له فمذهبنا ومذهب الجمهور أنه لا تصح وصيته فيما زاد على الثلث (٣)، وجوزه أبو حنيفة وأصحابه وإسحاق، وأحمد في رواية (٤).

وفيه: أن طلب الغنى للورثة راجح على تركهم عالة، ومن هذا الوجه أخذ ترجيح الغني على الفقير. وحديث: "ثلاث كيات للذي خلف ثلاثة دنانير" (٥) لا بد من تأويله، وأوله أبو حاتم بن حبان بأنه كان يسأل الناس إلحافًا وتكثرًا، ومن هنا استحب النقص من الثلث (٦).

وفيه: الحث على صلة الأرحام والإحسان إلى الأقارب، وأن صلة


(١) انظر: "الإجماع لابن المنذر" ص ١٠٠.
(٢) "المحلى" ٩/ ٣١٧.
(٣) انظر: "المعونة" ٢/ ٥٠٨، "البيان" ٨/ ١٥٦، "الشرح الكبير" ١٧/ ٢١٧.
(٤) انظر: "أحكام القرآن للجصاص" ٢/ ١١٢، "الشرح الكبير" ١٧/ ٢١٦ - ٢١٧.
(٥) سيأتي برقم (٢٢٨٩) كتاب: الحوالات، باب: إن أحال دين الميت على رجل جاز، مختصرًا دون لفظ: "ثلاث كيات"، وروى هذا الحديث بتمامه النسائي ٤/ ٦٥ كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على من عليه دين، وأحمد ٤/ ٤٧، وابن حبان في "صحيحه" ٨/ ٥٤ - ٥٥ (٣٢٦٤) كتاب: الزكاة، باب: الوعيد لمانع الزكاة، والطبراني ٧/ ٣١ - ٣٢ (٦٢٩٠)، والبيهقي ٦/ ٧٢ كتاب: الضمان، باب: وجوب الحق بالضمان، كلهم من حديث سلمة بن الأكوع.
(٦) "صحيح ابن حبان" ٨/ ٥٥.